728X90

12:47 م

إعادة بناء الصورة الذهنية – Repositioning




الصورة الذهنية .. تلك الكلمة التسويقية التي تعبر عن عبقرية خاصة و حصرية للتسويق، هذا المصطلح التي يعتمد عليه التسويق بشكل أساسي وهو المحور الذي تقوم عليه جميع الأنشطة التسويقية الأخرى.


الصورة الذهنية باختصار هو وضع تصور ذهني في عقول وأذهان السوق المستهدف عن المنتج، عندما يرى الناس المنتج أو يروا أي شيء متعلق به، تتبادر إلى ذهنهم مجموعة من المزايا و ربما الأشكال والألوان والصفات المرتبطة بهذا المنتج، كلما كانت الصورة الذهنية محددة ودقيقة وتربط المنتج بصفة واحدة قوية جداً كلما نجحت في تحقيق أهدافها..

تكلمنا من قبل عن الصور الذهنية وكيفية تكوينها، ولكن أيمكننا تغيير صورة ذهنية موجودة بالفعل في أذهان الناس؟؟

في العادة الصورة الذهنية يتم تطويرها وبناءها في وقت كبير، هي نتاج إستراتيجية منتظمة محددة، هي نتاج منتج يتم تطويره وتقديمه بشكل معين لكي يخدم الصورة الذهنية، هي نتاج مجموعة كبيرة ومنتظمة من الحملات الإعلانية وحملات العلاقات العامة، كل هذه الحملات تتم في إطار تحقيق الصورة الذهنية المطلوب إيصالها إلى السوق المُستهدف.

يبدو من الفقرة السابقة أن تطوير الصورة الذهنية شيء صعب و يستهلك وقت طويل لكي يتم بشكله الصحيح، إذا هل من الممكن لنا بعد كل هذا المجهود والوقت أن نغير الصورة الذهنية التي بنيناها عن المنتج، بهذه السهولة؟!

في الحقيقة ..الشركات الكبرى تحتفظ بصور ذهنية ثابتة على المدى الطويل، هناك أمثلة رائعة للثبات على نفس الصورة الذهنية القوية على مر السنين.. (سنيكرز تسد الجوع) (وول مارت أسواق اقتصادية) (BMW  تحقق الرفاهية) (ريد بول يمّدك بالطاقة) .. وغيرها الكثير من الصور الذهنية التي تتميز بثباتها وعدم تغيرها.

على الرغم من ذلك فإن الشركات قد تلجأ ل (إعادة تطوير وهيكلة الصورة الذهنية) - Repositioning..

هذا الاضطرار يكون بسبب أن هناك صورة ذهنية سوف تحقق عوائد أفضل من الصورة الذهنية الحالية، .. إذا لم يكن هذا هو الهدف من تغيير الصورة الذهنية فلا تفعلها!

سأعطيك حالة تسويقية تثبت ذلك..
مشروب لوكوزيد – Lucozade كان مشروب طبي، هدفه الأساسي هو المرضى الذي يخرجون من حالات علاج ويكونون في حالة إعياء من اثر المرض السابق (فترة النقاهة)، هذه الفترة يتناول فيها المرضى مشروب لوكوزيد لكي يمدهم بالطاقة ويدفع بنظامهم الهضمي..

بعد فترة لاحظت الشركة المنتجة أن المبيعات أغلبها من فئة ليست هي الفئة المستهدفة من المنتج، و أن المنتج أصبح موجود في أيدي الأصحاء أكثر من المرضى..

كانت هذه هي فترة الثمانينيات من القرن الماضي، حيث تحسنت سبل العلاج، وأصبح الاهتمام بالمرضى وصحتهم اكبر، وفى نفس الوقت وفى هذه الفترة بدأ اهتمام الناس يزيد أكثر بممارسة الرياضة وقضاء أوقات اكبر فيها.

هنا الوضع الجديد أمام التسويقيين كالآتي.. شريحة أساسية كانت تستهدفها الشركة بمنتجاتها بدأت في الاضمحلال والنقصان، وشريحة أخرى لم تكن الشركة تلقى لها بالاً بدأت في الزيادة خصوصاً مع حملات التوعية واهتمام الناس بصحتهم وممارسة الرياضة.

لماذا تظل الشركة تعمل وتبنى صورتها الذهنية في سوق يقل عدده، سوف يصل عمّا قريب لسوق غير مربح، في حين أنها تستطيع أن تبدأ في إعادة هيكلة وتطوير الصورة الذهنية في سوق مربح وينمو بشكل اكبر وأسرع..

بالتالي بدأت الشركة في تنفيذ الإستراتيجية الجديدة، وبناء صورة ذهنية للمنتج في أذهان وعقول الناس في السوق.. كانت الصورة الذهنية الجديدة تربط المنتج بأنه مشروب الطاقة للرياضيين.

لكي تغيّر الشركة من الصورة الذهنية القديمة، وهى مهمة صعبة جداً بكل تأكيد، بدأت الشركة في استخدام نفس السلاح الذي استخدمته لبناء الصورة الذهنية القديمة، .. في إعلاناتها الجديدة بدأت تستعين برياضي شهير من رياضيين العاب القوى هو دالى ثيمبسون - Daly Thompson، وتظهره وهو يشرب هذا المشروب المفيد للصحة ويمّده بالطاقة اللازمة لإتمام تمارينه الرياضية..

ولكنك تعرف أيضا أن الصورة الذهنية لا يتم بناءها فقط عن طريق الإعلانات.. الإعلانات فقط هي عامل من ضمن العوامل الهامة جداً في بناء الصور الذهنية، ولذلك فكان على الشركة مثلاً تغيير شكل التعبئة للمنتج لكي يناسب الاستخدام الجديد، .. وهكذا بدأت المهمة تنجح، تحويل المنتج من صورته الذهنية المرتبطة بفترة ما بعد العلاج للمرضى إلى مشروب الطاقة والحيوية للرياضيين.


نعم القضية التسويقية هنا من أصعب القضايا والحالات التي ربما تواجهها الشركات، ولكن لابد منها إذا وجدت الشركة أن عليها أن تحوّل نظرها من شريحة في السوق تضمحل وتنقص إلى شريحة مربحة وتزيد بشكل منتظم، وهو ما حدث مع شركة لوكوزاد التي تضاعفت فيها المبيعات بعد هذا التغيير التسويقي العبقري.

المصدر