728X90

1:29 م

الصورة الذهنية – Positioning






الصورة الذهنية ربما تُعد من أهم المصطلحات التسويقية وأكثرها عبقرية على الإطلاق، بل إن الشركات العملاقة في العالم، والتي صنعت أسماء وعلامات تجارية قوية جداً ما هي إلا شركات تحتفظ بصورة ذهنية تبلغ من القوة والثبات إلى أن الناس يشترون منتجاتها وخدماتها بدون تردد، ولأنهم يحتفظون للشركة بصورة ذهنية محددة قوية تغنيهم عن المفاضلة ومقارنة هذه الشركات بالمنافسين في كل مرة.


ربما تكون هذه النقطة الأخيرة من أهم الأسباب التي تجعل الصورة الذهنية للشركة مهمة لدى الناس، الناس ليس لديهم استعداد في كل مرة أن يقارنوا المنتجات والخدمات، أن الأمر مرهق وعسير ومستهلك للوقت إذا فعلوا، من الأفضل فعلاً أن يرى المنتج أو اسم المنتج، فيتذكر صفة قوية على رأس صفات قوية أخرى، هذا يسّهل عليه عملية الشراء والمفاضلة بالتأكيد.

الآن.. إذا ذكرت لك هذه الأسماء التجارية ماذا تتذكر..؟
بى آم دبليو – BMW : الرفاهية
ريد بول – Redbull: الطاقة والانطلاق
سنيكرز – Snickers: سد الجوع والإمداد بالطاقة
كوكا كولا – CocaCola : الفرحة والتجمّع
مرسيدس – Mercedes: الفخامة و الحالة الاجتماعية المميزة
نايكى – Nike: الرياضة والقوة
بيبسي – Pepsi: الحماس وانطلاق الشباب
فولفو – Volvo: الأمان
وول مارت – Walmart: التوفير
أديداس – Addidas : النجاح والمثابرة

أن الشركات تظل تبنى هذه الصور الذهنية بثبات وقوة واستمرارية إلى أن تصل لمرحلة قوة العلامة التجارية – branding ، حينها لا يشترى الناس لجودة أو مواصفات أو فوائد ومزايا المنتج، بل لان المنتج هذا هو من إنتاج الشركة هذه، .. لاتشترى نايكى – Nike  لأنه حذاء بديع أو قوى ولكنه نايكى، لا تشترى مرسيدس لأنك تحققت من مزاياها جيداً، بل لأنها مرسيدس، لا تشترى آيفون – Iphone لأنك أعجبك جودة الهاتف وبعض المواصفات به، بل لأنه آيفون.. ليس المعنى أن المشترين لا ينظرون إلى خصائص وفوائد المنتج، هم ينظرون بالتأكيد، ولكن تكون المقارنات محسومة مع المنافسين ذوى الصور الذهنية والعلامات التجارية الأضعف.

أن أقوي الصور الذهنية على الإطلاق هي التي تعتمد على أسماء التفضيل، مثل اصغر سيارة، أحلى طعم، أوفر هايبر ماركت، أسرع طائرة، أول تكييف، أكثر الهواتف تطوراً، أنعم وسادة، أفضل خدمة عملاء، ... الخ

وعلى الرغم من ذلك عندما لاتستطيع الشركة أن تميّز نفسها على أساس صفات التفضيل، أو حتى صور ذهنية مميزة وفريدة، فإن عليها أن تلجأ لصور ذهنية عامة، عليها أن تميّز نفسها بالفوائد – benefits، في مقابل السعر – Price، فمثلاً تجعل الناس تربطها بتقديم فوائد أكثر من المنافسين بنفس سعر المنافسين، هذه الطريقة في تكوين الصور الذهنية تُسمّى النموذج العام لتكوين الصور الذهنية – Overall positioning strategy، .. (ربما نفصّلها في وقت لاحق).

السؤال هنا.. كيف تكوّن الشركة الصورة الذهنية؟

تلجأ الشركة لإستراتيجية التمييز – Differentiation، وهى البحث عن نقاط التميز لديها – competitive advantages، ثم تقارن بين كل نقاط القوة والتميز التي تملكها فتختار نقطة تميز هي الأقوى والأكثر تفرداً لتبنى عليها صورتها الذهنية.

تبحث الشركة عن مصادر قوتها وتميّزها في المنتج أو الخدمة التي تقدمهم، أو في قنوات التوزيع - channels التي تستخدمها، أو ربما في الأفراد – people  الذين تستخدمهم في توصيل المنتج أو الخدمة، أو ربما حتى تخترع صورة لا وجود لها من الأساس - Image لتربطها مع المنتج، كما فعلت سفن آب – 7Up عندما اخترعت شخصية فيدو ديدو لتربطه بمنتجها.
راجع تدوينة مصادر الحصول على المزايا التنافسية.

ولكي تقوم الشركة بتكوين صورة ذهنية قوية عليها أن تدرك أن هذا لا يحدث في ليلة وضحاها، الصور الذهنية تتكون عبر الأعوام، تتكون عبر الثبات في تقديم رسائل تسويقية متناسقة تذهب كلها في خدمة صورة ذهنية قوية.

أن الشركات اليوم تجدها تطوّر إعلانات غريبة جداً من الناحية التسويقية، فكيف لشركة تريد تكوين صورة ذهنية معينة أن تطوّر كل حملة إعلانية بناء على فكرة تظن أنها مبدعة، ولكن هذه الفكرة لا تصب في خدمة صورة ذهنية محددة، هذا يؤدى إلى فشل ساحق للشركات مع الوقت، تخيل أن كل إعلان وكل حملة إعلانية وترويجية تشير لفكرة ورسالة تسويقية مختلفة، كيف يؤدى هذا التشتت لبناء صورة ذهنية قوية !

قارن هذا التشتت التسويقي بما فعلته شركة مارس مع منتج سنيكرز لتبنى صورتها الذهنية بكل قوة عن طريق الإعلانات والمنتج المتميز.. في تدوينة الثبات على المبادئ التسويقية.

في نفس الوقت وللأسباب السابقة أيضاً فإن إعادة تكون الصور الذهنية - Repositioning أمر صعب جداً تسويقياً ويحتاج لإستراتيجية خاصة.

إن الصورة الذهنية هي جزء من الإستراتيجية التسويقية للشركة – Marketing Strategy ، وبالتأكيد فإن الشركة التي لاتعمل طبقاً لإستراتيجية تسويقية صحيحة فإنها تضل الطريق، حتى لو كانت تحقق بعض المكاسب التسويقية على المدى القصير، وإذا استطاعت الشركة أن تعرف من خلال إستراتيجيتها التسويقية ما هو السوق المستهدف - Target Market بشكل صحيح، ثم كونت صورة ذهنية يراها هذا السوق المستهدف بشكل دقيق، فسوف تحقق النجاح التسويقي بلا شك.

مازال هناك أسرار تسويقية هامة في هذا الجزء المهم من التسويق –تكوين الصور الذهنية- سنحاول أن نسردها في تدوينات قادمة.

المصدر