728X90

8:24 م

العلاقات العامة والصوره الذهنية



بدأ استخدام مصطلح الصورة الذهنية عندما أصبح لمهنة العلاقات العامة تأثير كبير في الحياة الأمريكية مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين.وقد كان لظهور كتاب ( تطوير صورة المنشأة ) للكاتب الأمريكي (لي بريسول) في عام 1960م أثر كبير في نشر مفهوم صورة المنشأة بين رجال الأعمال.

ولقد اهتمت العلاقات العامة بدراسة صورة الشخصيات القيادية و المنظمات والشركات والمؤسسات المختلفة للتعرف على نظرة الجماهير لهذه الشخصيات أو المنظمات و معرفة العناصر الإيجابية والسلبية في هذه الصورة للتأكيد على العناصر الإيجابية و علاج الأسباب التي أدت إلى تكون الاتجاهات السلبية إن وجدت.
كما اهتم خبراء العلاقات العامة بدراسة العوامل المؤثرة في تكوين الصورة الذهنية و تطورها في ظل الاتصال الجماهيرية و تعدد الرسائل التي يتعرض لها إنسان النصف الثاني من القرن العشرين.

تعريفات الصورة الذهنية:
في قاموس ويستر تم تعريف كلمة (IMAGE) بأنها تشير إلى التقديم العقلي لأي شيء لا يمكن تقديمه بالحواس بشكل مباشر أو هي إحياء أو محاكاة لتجربة حسية كما أنها قد تكون تجربة حسية ارتبطت بعواطف معينة.
ويقودنا هذا التعريف بعيداً عن الوهم ، فلا شيء غير حقيقي على الإطلاق في الصورة التي تتكون عن فرد معين أو منظمة معينة في أذهان الأفراد والجماعات من وجهة نظرهم ، لأن هذه الصورة هي ذلك الفرد أو تلك المنظمة كما يراها هؤلاء الأفراد أو تلك الجماعات و سواء كانت الصورة صادقة أو زائفة فذلك موضوع آخر فالشخص الذي تكونت لديه صورة معينة عن منظمة ما سوف يتصرف حيالها تبعاً لهذا التصور الذي كونه أو تكون لديه.
ولو لقد قام مركز بحوث الرأي العام في برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية بدراسة عن الصورة المؤسسة و احتمالات تطورها أو التغيرات التي تطرأ عليها، وفي عام1959م كتب كلود روبنسون ووالتر بارلو عن هذه الدراسة قائلين:
(( إن صورة المنشأة corporate image مفهوم جديد يفيدنا كثيراً في دراسة اتصالات أي منشأة وأن هذا المفهوم سوف ينمو ويتطور، و سوف يصبح شائعاً في لغة الاتصال، وإذا كانت الكلمة بصفة عامة وسيلة لنقل المعنى أو التعبير عن العواطف، و إذا كان هذا المعنى الذي تحمله الكلمة عرضة للتغير أو التطور ، فإن مقياس نجاح الكلمة في نقل المعنى يتمثل في مدى قدرتها على تصوير ما تشير إليه من هذا العالم في داخل العقل البشري . و بمعنى شديد الإيجاز فإن نجاح الكلمة يتوقف على قدرتها على تصور العالم ذهنياً))
إن اصطلاح صورة المؤسسة قد نجح في تصوير الحقيقة التي تشير إليها طبقاً للمفهوم السابق لمقياس نجاح الكلمة و إنه بالتالي يستطيع أن يصور لنا بشكل مفيد و مريح في نفس الوقت أفكار الناس نحو المؤسسات المختلفة. والصورة الذهنية بهذا المفهوم يمكن التعرف عليها كما يمكن تنفيذ برامج لتدعيمها أو تطويرها على نحو معين ثم تأتي عملية التقويم للتعرف على أثر هذه البرامج.
فمصطلح صورة المنشأة يعني ببساطة الصور العقلية التي تتكون في أذهان الناس عن المنشآت و المؤسسات المختلفة و قد تتكون هذه الصور من التجربة المباشرة أو غير المباشرة . و قد تكون عقلانية أو غير رشيدة ، و قد تعتمد على الأدلة و الوثائق أو على الإشاعات و الأقوال غير الموثقة . و لكنها في نهاية الأمر تمثل واقعاً صادقاً لمن يحملونها في رؤوسهم.
فقد توقف كولمبوس عند الصين في رحلاته الثلاث إلى العالم الجديد بسبب الاعتقاد الشائع بأن الأرض مسطحة ، و أن الإنسان إذا أبحر أكثر مما يجب في اتجاه الغرب فسوف يسقط في الهاوية.

وهناك تعريف آخر للصورة الذهنية:
قدمته كينيث بولدنج من خلال تعريفه لصورة المرشح في الانتخابات بأنها (مجموعة الانطباعات الذاتية التي تتكون في أذهان الناخبين) وهذه الانطباعات يمكن أن تكون أفكاراً عن القيم السياسية للمرشح أو عن شخصيته أو عن قدراته القيادية ، و يتكون الكثير من هذه الانطباعات في مناصب رئاسة الدولة من خلال ما تبثه وسائل الاتصال الجماهيرية.
فالإنسان يطور وهو ينمو تصوراً منظماً نحو العالم والأمر الهام في هذا التصور هو أن كل جزء يعمل على نطاق الكل ليخلق بناء عاما له معنى.

فنحن نستطيع أن نحدد أوضاعنا فيما يتعلق بالزمان و المكان و في علاقاتنا بالآخرين حينما نربط أجزاء من التصور المختلفة تلك بالتصور الأصلي الذي كوناه فمدركاتنا عن أنفسنا و عن الآخرين و عن العالم متصلة بحيث أن تجربة الحياة كلها تلتئم عند كل فرد ، فكل تجربة جديدة تجد مكانها في التصور الذي نكونه عن العالم، ويستتبع ذلك أن أي تجربة يتم استقبالها وتفسيرها بطريقة من أربع طرق:

1 ) إما أن تضيف إلى التصور الحالي الموجود معلومات جديدة.
2 ) أو تدعم التصور الحالي.
3 ) أو تحدث مراجعات طفيفة على هذا التصور.
4 ) أو ينتج عنها إعادة بناء كامل للتصور.

ويؤكد بولدنج أن الكيفية التي يتصرف بها الإنسان تعتمد على الصورة الذهنية وأن أي تغيير يصيب الصورة يستتبع بالضرورة تغييراً في السلوك ولذلك يرى بولدنج أن طبيعة هذه الصورة و كيفية تشكيلها و التغيير الذي يطرأ عليها يعتبر من الأمور الهامة التي يجب أن يهتم بها هؤلاء الذين مهمتهم التأثير في الرأي العام أو قياس اتجاهات الجماهير.

ومما تقدم نستطيع تعريف الصورة الذهنية كما يلي:
الصورة الذهنية هي النتاج النهائي للانطباعات الذاتية التي تتكون عند الأفراد أو الجماعات إزاء شخص معين ، أو نظام معين أم شعب أو جنس بعينه أو منشأة أو مؤسسة أو منظمة دولية أو محلية ، أو مهنة معينة ، أو أي شيء آخر يمكن أن يكون له تأثير على حياة الإنسان ، وتتكون هذه الانطباعات من خلال التجارب المباشرة وغير المباشرة و ترتبط هذه التجارب بعواطف الأفراد و اتجاهاتهم وعقائدهم و بغض النظر عن صحة أو عدم صحة المعلومات التي تتضمنها خلاصة هذه التجارب فهل تمثل بالنسبة لأصحابها واقعاً صادقاً ينظرون من خلاله إلى ما حولهم و يفهمونه أو يقدرونه على أساسها.

أنواع الصورة الذهنية:
1 – الصورة المرآة و هي الصورة التي ترى المنشأة نفسها من خلالها.
2 – الصورة الحالية و هي التي يرى بها الآخرون المؤسسة.
3 - الصورة المرغوبة و هي التي تود المنشأة أن تكون لنفسها في أذهان الجماهير.
4 – الصورة المثلى و هي أمثل صورة يمكن أن تتحقق إذ أخذنا في الاعتبار منافسة المنشآت الأخرى و جهودها في التأثير على الجماهير ، و لذلك يمكن أن تسمى بالصورة المتوقعة.
5 – الصورة المتعددة و تحدث عندما يتعرض الأفراد لممثلين مختلفين للمنشأة يعطي كل منهم انطباعاً مختلفاً عنها، و من الطبيعي أن لا يستمر هذا التعدد طويلاً فإما أن يتحول إلى صورة إيجابية أو إلى صورة سلبية أو أن تجمع بين الجانبين صورة موحدة تظلها العناصر الإيجابية و السلبية تبعاً لشدة تأثير كل منها على هؤلاء الأفراد.

العلاقات العامة والصورة الذهنية:
يرى بول جاريت أحد رواد العلاقات العامة ، و الذي تولى مسئوليتها في شركة جنرال موتورز الأمريكية عام 1931م أن العلاقات العامة ليست وسيلة دفاعية لجعل المؤسسة تبدو في صورة مخالفة لصورتها الحقيقة ، و إنما هي الجهود المستمرة من جانب الإدارة لكسب ثقة الجمهور من خلال الأعمال التي تحظى باحترامه.

وقد أكد هذا التعريف على أهمية الجهود التي تبذل من أجل تكوين صورة طيبة في أذهان الجماهير تعبر عن الواقع الفعلي المشرق للمؤسسة بلا خداع أو تزييف ومن ثم فإن مفهوم الصورة التي تسعى العلاقات العامة إلى بلورتها في أذهان الجماهير يستند إلى الحقيقة و يلتزم بالصدق و الصراحة و الوضوح و هي مبادئ أساسية أجمعت عليها دساتير العلاقات العامة في مختلف المجتمعات.

ورغم عدم وضوح عملية الاتصال التي هي جوهر العلاقات العامة في هذا التعريف إلا أن أهم ما يميزه عن غيره من التعريفات التي قدمت للعلاقات العامة تأكيده على حقيقيتين أساسيتين هما :

· أن العلاقات العامة يجب أن تكون تعبيراً صادقاً عن الواقع.
· كما أنها لا بد أن تسمو بأعمالها إلى الدرجة التي تحظى باحترام الجمهور.
فإذا كان الواقع سيئاً أو تشوبه بعض الشوائب فينبغي تنقية هذا الواقع و تدارك ما به من أخطاء بدلاً من محاولة إخفائها أو تزييفها بكلمات معسولة سرعان ما يزول أثرها و يكشف زيفها . كما ينبغي أن تسهم العلاقات العامة في مواجهة المشكلات التي تؤثر على الجمهور من خلال الأعمال البناءة و الجهود الحقيقة الهادفة التي تحقق الرخاء و الرفاهية للمجتمع.

برامج تكوين الصورة الذهنية:
لقد أثبتت الدراسات النفسية و الاجتماعية أن تكوين الصورة الذهنية من العمليات المعقدة التي تخضع لتفاعل العديد من العوامل النفسية و الاجتماعية.
كما أثبتت الدراسات العديدة التي أجريت في مجال علوم الاتصال أن تأثير الاتصال في تكوين أو تعديل الصور الذهنية لا ينفصل عن الأوضاع النفسية و الاجتماعية التي يعمل في ظلها هذا الاتصال و أخيراً فقد ثبت من الواقع العملي والدراسات العديدة في مجال العلاقات العامة أن الممارسات السليمة والسلوك القويم و الأفعال الطيبة هي الأساس في تكوين الصورة الطيبة التي تتدعم و يتسع نطاقها بين جماهير من خلال قادة الرأي ، و الجماعات التي تنتمي إليها الفرد و تؤثر عليه تأثيراً قوياً ، وأيضاً من خلال وسائل الاتصال الجماهيرية.

لذلك فإن برامج تكوين الصورة الذهنية أو تغييرها ينبغي أن تضع في اعتبارها هذه النتائج التي انتهت إليها علوم النفس و الاجتماع و الاتصال ، بالإضافة إلى نتائج الدراسات الخاصة بالممارسة العملية للعلاقات العامة . و من ثم فإن التخطيط لبرامج الصورة لابد أن يخضع لنفس الأسس العلمية التي يخضع لها التخطيط لكافة برامج العلاقات العامة وهنا لابد من أن نوضح أن هذا النوع من البرامج يتسم بصفتين أساسيتين أولاهما أنه أكثر هذه البرامج صعوبة و تعقيداً و ثانيتهما أنه يخدم كافة البرامج التي تنفذها العلاقات العامة ، و يزيد من فعاليتها و يضاعف في تأثيرها.

وتتضح صعوبة برامج الصورة في حاجتها إلى أنشطة وسياسات طويلة المدى تعتمد على تراكم الجهود الإيجابية ، ومواجهة المحاولات والمؤثرات المضادة التي يمكن أن تضفي على الصورة المرغوبة معالم غير مرجوة.
كما أنه من الثابت أن صورة الفرد أو المنظمة تتأثر بالمتغيرات السياسية أو الاقتصادية أو التقنية ، و التطورات التي تطرأ عليها ، فالصورة التي قد تبدو حسنة في وقت معين في المجال السياسي مثلاً قد تصبح غير مقبولة في وقت آخر ، لتغير المفاهيم أو الأوضاع التي كان الناس ينظرون من خلالها إلى تلك الأمور السياسية.

فوائد تكوين الصورة الذهنية:
تساعد الصورة الطيبة للمنشأة على اجتذاب المهارات البشرية اللازمة للعمل فيها وسعادة العاملين بالانتماء إليها ، كما أنها تساهم في انخفاض المشاكل العمالية وارتفاع الروح المعنوية للجمهور الداخلي ، الأمر الذي يلقي بظلاله على زيادة الكفاءة الإنتاجية وتلعب الصورة الطيبة للمنشأة دوراً هاماً في جذب رؤوس الأموال وزيادة أعداد المساهمين و كذلك تساهم هذه الصورة في اجتذاب الموردين والمتعهدين والموزعين ، بالإضافة إلى سهولة التعامل مع الهيئات التنفيذية والتشريعية في الدولة.
كما أن الصورة الطيبة لمؤسسة هي التي تهيئ الثقة في أي إنتاج يحمل أسمها ، وتساعد على تقبل الجمهور لأي إنتاج جديد قبل أن يظهر مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة المبيعات أو تنشيط الخدمات . كما أنه لا يمكن إغفال أثر الصورة الطيبة للمنشأة في استعداد الجماهير للتريث قبل إصدار الحكم عليها في أي أزمة حتى يتسنى للقائمين عليها شرح الأبعاد المختلفة للموقف ، و تبيان مغزى القرارات التي اتخذت و الآثار المترتبة عليها .

مبادئ التخطيط لمبادئ الصورة:
- يبدأ التخطيط للصورة المرغوبة بتحديد نقاط الضعف والقوة في الصورة الحالية للفرد أو المنظمة.
- تتمثل الخطوة الثانية في وضع تخطيط مكتوب لمعالم الصورة المرغوبة التي تود المنظمة أن تكونها لنفسها عند جماهيرها.
- ننتقل بعد ذلك إلى المرحلة الثالثة في تخطيط برامج الصورة و تقوم بابتكار الأفكار والموضوعات لنقل الصورة المرغوبة إلى الجماهير.

وسائل تكوين الصورة الذهنية المرغوبة:
أشرنا إلى أن الصورة الذهنية تتكون من خلاصة التجارب المباشرة أو غير المباشرة للأفراد إزاء شخص معين أو نظام أو أي شيء يكون له أثر على حياة الإنسان ، و إذا كانت التجربة المباشرة للأفراد مع المنظمات أياً كان نوعها محدودة للغاية لكثرة هذه المنظمات في المجتمع الحديث و تعقد علاقاتها مع الجماهير المستهدفة فإنه يصبح من الضروري الاهتمام بتقديم هذه المنظمات إلى الجماهير من خلال وسائل الاتصال الجماهيرية.

ولوسائل الاتصال الجماهيرية دور كبير في الطريقة التي نبني بها تصورنا للعالم أو نكون بها آراء وأفكاراً جديدة ، فبالرغم من أننا لن نضع أقدامنا على سطح القمر ولن نتعرض لعملية زرع قلب و أنه يصعب على الكثير منا الغوص في أعماق المحيطات ورؤية ما بها من أسماك و حيوانات مائية و غيرها ، إلا أن وسائل الإعلام وفرت لنا معلومات لا بأس بها عن هذه الأمور.

كما أنها تثير اهتمامنا ببعض الموضوعات بين الحين و الآخر على المستوى المحلي والإقليمي و الدولي و كثيراً ما تؤثر على أحكامنا على بعض المواقف أو الأزمات بما تقدمه من معلومات و تفسيرات تخدم هذا الاتجاه أو ذاك.

وإذا كانت وسائل الاتصال الجماهيرية تمارس دورها بصفة أساسية على المستوى القومي في تكوين الآراء و تشكيل الاتجاهات بالنسبة للقضايا العامة والمنظمات الكبرى بما تبثه من مواد إعلامية و تأثيرية ، فإن وسائل الاتصال الخاصة بالمنشآت و المؤسسات المختلفة تمارس نفس الدور على مستوى جماهيرها الخاصة.

وقد تلجأ هذه المؤسسات إلى وسائل الاتصال الجماهيرية في بعض الأحيان لمخاطبة الجمهور العام أو القطاع الكبير منه لعجز وسائلها الخاصة عن الوصول إلى جمهور كبير واسع الانتشار ، كما أنها قد تضطر في بعض الظروف إلى سرعة الاتصال بجمهور معين من جماهيرها مستخدمة في ذلك الإعلان الإعلامي. وقد تقبل الوسائل الجماهيرية نشر بعض المعلومات عن هذه المؤسسات إذا كانت له صلة بالاهتمامات العامة من وجهة نظر الوسيلة.

المصدر :
https://www.facebook.com/ModernPublicRelations94?ref=stream