لا يزال الفهم في المؤسسات والشركات الكبيرة منها والصغيرة في الوطن العربي والعالم الثالث، قاصرًا ومنقوصًا لمهنة رجل العلاقات العامة ودوره في المؤسسة.
وإلى وقتنا هذا تقبع مهنة العلاقات العامة تحت بند الترضية الوظيفية، وقد يوضع فيها شخص ليس له سابق معرفة بقصد إرضائه أو مجاملة لشخص آخر، ظنًا منهم أنها الوظيفة التي لا تتضرّر منها المؤسسة وليست ذات أهمية. وقد يجلس رجل العلاقات العامة في مكتبه يحتسي القهوة، وفي أفضل حالاته نجده يلعب دور المراسل للشركة، وهو فهم قاصر لأبعد الحدود يعبّر عن جهل إداري يرتقي إلى درجة المصيبة.
وبالرجوع لتعريف العلاقات العامة نكتفي بتعريف جمعية العلاقات العامة الدولية الذي يقول: (هي وظيفة إدارية دائمة ومنظمة تحاول المؤسسة العامة أو الخاصة عن طريقها أن تستبين مع من تتعامل، أو يمكن أن تتعامل، وفي سبيل هذه الغاية على المؤسسة أن تستقصي رأي الجمهور إزاءها وأن تكيّف معه بقدر الإمكان سياستها وتصرّفاتها وأن تصل لذلك عن طريق تطبيقها برامج الإعلام الشامل وعبر تعاون فعّال يؤدي إلى تحقيق جميع المصالح المشتركة).
وفي الغرب تحتل العلاقات العامة مرتبة متقدمة في السلّم الوظيفي وعادة ما يكون رجل العلاقات العامة هو الرجل الثالث من حيث الترتيب الوظيفي ويظفر قسم العلاقات العامة دومًا بالنصيب الأكبر من ميزانية الشركة تفهمًا منهم للدور الكبير الذي تلعبه في ترقية المؤسسة. وقد تطور الفهم المتقدّم لفن العلاقات العامة للحد الذي أصبحت فيه العلاقات العامة في حد ذاتها سلعة يروج لها عبر شركات متخصصة تقوم على فكر العلاقات العامة.
إن انحسار دور العلاقات العامة في مؤسساتنا وتقوقعها في الدور الخدمي متجاهلة أدوارًا أكثر أهمية مثل البحوث الاستقصائية وآليات ربط المؤسسة بالجمهور يُفقد الشركات الكثير من الميزات ويتسبّب في فقدانها الكثير من الأمور التي لايمكن أن تكتسب إلا بوجود قسم متميز للعلاقات العامة يجمع موظفين من خريجي كليات العلاقات العامة يجمعون ما بين الخبرات العملية والشهادات العلمية.
إن استخدام العلاقات العامة كوسيلة للترضيات أو وسيلة للتخلص من البعض ينعكس على الفكر الإبداعي في المؤسسة، وإذا سلمنا أن الإبداع هو لُبّ الإدارة نستطيع أن نصف المؤسسة التي لا يوجد فيها رجل علاقات عامة مؤهل بأنها مؤسسة بلا إدارة.
ولكي نستدلّ على غياب الإبداع في المؤسسات نأخذ قطاع التشييد والإنشاءات كنموذج، ففي هذا القطاع يعمل عمّال في ظروف قاسية، هل فكرت أي من الشركات في تخصيص يوم في الشهر للترفيه عن هؤلاء العمّال، هل فكرت في معنى تجديد المعنويات بالنسبة للعامل، هل فكرت بالعائد الذي يمكن أن يعود إليها نتيجة لترفيه يوم واحد في الشهر بأقل الميزانيات، وهل تؤمن هذه الشركات بالدور النفسي في زيادة الإنتاجية؟.
حتمًا لن تجد إجابات عن هذه التساؤلات في أغلب المؤسسات لأن أقسام العلاقات غائبة ولو وجدت لوجدنا دورها هامشيًا، الأمر يتطلب نظرة، وإعادة تقييم، وفهمًا جديدًا، لمهنة لا تزال تعاني من سوء الفهم.
المصدر :
شاذلي عبد الرازق الزين
http://shazalialzain.blogspot.com/2013/06/blog-post.html