728X90

7:04 م

نشأة و تطور العلاقات العامة



1ـ 1 العلاقات العامة في العصور القديمة:

1ـ1ـ1 في مصر الفرعونية:
تؤكد الكثير من الآثار الفرعونية القديمة التي وجدت على جدران المعابد مدى اهتمام ملوك الفراعنة بعملية الاتصال الجماهيري،سواء بأفراد شعوبهم أو بالكثير من المجتمعات الأخرى الذين كانوا يتعاملون معهم سواء في أسيا أو في إفريقيا أو في أوروبا.فلقد اهتم الفراعنة بالترويج لحكامهم و سياستهم الداخلية و الخارجية.
و جاء ذلك عن طريق وصف الوقائع الحربية و الانتصارات العسكرية، أو أيضا للإعلان عن عمليات شق الترع و إقامة الجسور،أو اتخاذ أساليب الحماية من الأخطار البيئية مثل الفيضانات أو المجاعات، و قد استخدم قدماء المصريين أوراق البردي لنشر إعلاناتهم و توصيلها إلى كافة أنحاء البلاد،و خلال المناسبات للاتصال بالجماهير مثل مناسبات الحصاد و الزراعة،خلال عمليات البناء للأهرامات و المعابد و الجسور و شق الترع.و من ناحية أخرى لقد اهتم المصريون القدماء بالعلاقات العامة و الاتصال الخارجي بالشعوب الأخرى،و ذلك من اجل الترويج لمنتجاتهم و استيراد الكثير من الغلات أو المواد التجارية و التي كانت تحضر من الخارج و هذا كنوع من الاتصال بين مجتمعات هذه الدول وبين مصر الفرعونية.

1ـ1ـ2 في العراق القديم:
اهتمت بلاد بابل و أشور و حكامهم بعمليات الاتصال الجماهيري و ذلك لنشر أرائهم و معتقداتهم و أفكارهم،و هذا ما يظهر في بعض فترات حكم حكام بابل حيث استخدم كثير منهم الألواح للإعلان عليها للجماهير و تسجيل الأفكار أو الأوامر أو الأخبار أو الأحداث التي يريد الحكام إخبارها إلى أفراد مجتمعاتهم.و لقد اهتم حمو رابي بالكثير من عناصر الاتصال سواء بالأمراء أو كبار رجال الدولة و الأعيان في المناسبات و الأعياد مثل عيد الحصاد،كما استخدم الأشوريين اللوحات الفينيقية المصورة التي كانوا ينشرون عليها انتصاراتهم.كما وجد في العراق إعلانات يرجع تاريخها الى1800ق.م ترشد الزراع لزيادة إنتاجهم و التخلص من الآفات الزراعية والترويج لهذه المحصولات.

1ـ1ـ3 في بلاد العراق القديمة:
اهتمت بلاد الإغريق بعمليات الاتصال الجماهيري،و ذلك منذ فترات قديمة مضت وهذا ما ظهر قوة الخطابة و الشعر و المحاورات التي كانت تستخدم من قبل الفلاسفة و الحكماء مثل" أفلاطون"و" أرسطو" و أستاذهم "سقراط".و خاصة أن مجال التعبير عن الرأي أو اكتساب أراء الآخرين كانت محل اهتمام الفلاسفة و الحكماء،و ذلك في إطار ما يعرف بسياسات الديمقراطية لدويلات بلاد الإغريق القديمة مثل" أثينا"و" اسبرطة".كما استخدمت الإعلان في العديد من المناسبات لتعبئة جيوشهم أو تجهيزها للاستيلاء على الدويلات الأخرى، كما لعب الفن دورا هاما لترويج الأفكار و الفلسفات الأخلاقية و السوقسطائية التي كانت تقوم بعمليات التشويش و التشكيك في أنماط الفكر و السياسات و الحريات القائمة و خاصة عند الشباب،كما استخدم الإغريقيون القدماء الكثير من الدعاية و الإعلان التجاري نتيجة لتوسيع علاقاتهم مع جيرانهم من الدول القديمة .

1ـ1ـ4 في بلاد الرومان:
اهتمت الإمبراطورية الرومانية بالعلاقات العامة و الاتصال بالجماهير سواء في مجتمعاتهم أو في الدول و البلاد المفتوحة التي شملتها الإمبراطورية ذاتها و لقد اهتم الرومان كثيرا بعمليات تأييد الرأي العام و محاولاتهم لكسب ثقة جماهيرهم،و تعبئتهم للسياسات العسكرية و الاقتصادية و هذا ظهر في عباراتهم الشهيرة "صوت الشعب من صوت الله"أو "إرادة الشعب هي إرادة الله"و بالطبع لقد انطلقت هذه العبارات في إطار نظرية التفويض الالاهي التي كانت تمنح إلى رجال الحكم،كما استخدم الرومان الشعراء و الفنانين و الحكماء و الأدباء لنشر أفكارهم و ترويجها و هذا ماظهر في نشر "يوليوس قيصر "للوقائع اليوميةacta diuvua   التي ظهرت عام 59ق.م لتسجيل نشاط مجلس الشيوخ و عرض أعمالهم و أقوالهم كما استغل أيضا الإمبراطور "أوغسطين"صحيفة الوقائع اليومية لنشر سياساته ة السعي لكسب أراء الجماهير و تأييدهم لها

1ـ2ـ  العلاقات العامة في العصور الوسطى:

1ـ2ـ1ـ  في العصور المسيحية :
كانت المجتمعات الأوروبية في العصور الوسطى تعاني من ظلم الملوك،و جور الكنيسة،و طغيان رجال الدين أما العلاقات بين الملوك و الأجراء فكانت تقوم على النظام الإقطاعي البغيض في أبشع صوره فقد كان الفلاحون كالعبيد، يساقون كالأنغام و يباعون و يشترون كجزء من الأرض التي يفلحونها .أما الكنيسة فكانت تصادر حرية الفكر و تضطهد كل مجدد تسول له نفسه البحث أو الدراسة ، وهكذارانت ظلمات الجهل و التعسف و الاضطهاد،و كان البابا يصدر من وقت لأخر  قوائم متصلة بالكتب التي ينبغي على المسيحي أن يقراها دون غيرها،و قوائم  بالكتب التي تعرض القارئ للكفر و حددت الكنيسة عقوبة لمن تثبت عليه تهمة قراءة الكتب الممنوعة،فكانت الحرمان و تلك عقوبة قاسية تجعل صاحبها موضع احتقار الجميع ،إذ انه يعتبر عدوا للجماعة المسيحية و يحظر دفنه في مقابرهم بعد موته ،و هكذا يمكن القول بان العلاقات العامة في مجتمعات العصور الوسطى الأوروبية كانت تعاني من التدهور و الفساد و تتردى في ظلمات التعصب و الجهل .

1ـ2ـ2 في العصور الوسطى الإسلامية :
استطاعت الحضارة الإسلامية أن تطور مفهوم العلاقات العامة بفضل اعتمادها على البرهان و الإقناع و الحجة في نشر الدعوة الإسلامية .و كذلك حرصها على الشورى في الحكم و الإنسانية في معاملة الناس،كما لعب الشعراء دورا هاما في التوجيه و الإرشاد،و التأثير في النفوس،و كانت القصائد الشعرية تحث على الجهاد و الإنفاق في سبيل الله،و لعبت الخطب الدينية هي الأخرى دورا خطيرا في العلاقات العامة في العصور الإسلامية، فقد كان الخطباء يقومون إلى جانب الإرشاد الديني بالتوجيه الاجتماعي و السياسي .و ثمة حقيقة أخرى اكتشفها المسلمون في مجال العلاقات العامة منذ زمن بعيد ،فقد كان احمد بن طولون يؤمن بضرورة اختيار أعوانه و مستشاريه من البلاد التي يحل بها فهم يستطيعون التأثير فيهم بطريقة لا تتأتى لغيرهم ،و هذا ما يفعله اليوم خبراء العلاقات العامة و مديرو الإذاعات و دور النشر عندما يوظفون صحفيين و مذيعين من أهل البلاد التي يوجهون إليها الدعاية و الإعلام ، و حتى تنزل العلاقات العامة اثر في نفوس الناس و كسب الرأي العام فقد كانوا يختارون الوقت المناسب مثل المواليد و الاحتفالات و الأعياد و المواسم ،و كان الخليفة يركب جوادا و يسير في المواكب أيام السبت و الثلاثاء و الجمعة و في شهر رمضان،و يومي عيد الفطر و الأضحى ،و يقيم الاسمطة،و يوزع الإنعامات في المناسبات الدينية و هذه الأعمال جميعا تدخل في صميم العلاقات العامة ،و لا تزال الشركات و المؤسسات و الهيئات الحكومية و الأهلية تعتني بها عناية فائقة فتشترك في المعارض العامة،و تحتفل بالأعياد و المواسم الدينية و القومية.

1ـ3العلاقات العامة في العصور الحديثة:
في محاولة للبحث عن أول من استخدم مصطلح العلاقات العامة نجد هناك الكثير من الجدل المثار فهناك من يرى إن توماس جيفرسن"thomas jeffersson"ثالث رئيس للولايات المتحدة الأمريكية هو من استعمل هذه العبارة سنة1802،و هناك من ارجع أول استخدام لهذه العبارة لمحامي أمريكي أثناء محاضرة ألقاها بجامعة يال سنة 1882يدعى دورمان ايتيون" dorman eton"بعنوان" العلاقات العامة و واجبات المهىنة القانونية ".إلا أن الحقيقة أن مفهوم العلاقات العامة ظل مجهولا إلى أن ظهر على يد "ايفي لي " evy leeمؤسس هذا العلم و ذلك في أوائل القرن العشرين و الذي أسس أول مكتب عالمي للعلاقات العامة في نيويورك سنة 1906،و قد بدا ايفي لي مؤسس العلاقات العامة الحديثة نشاطه بإصدار بيان مبادئ أعلن فيه عن التزامه بتقديم كافة المعلومات الدقيقة عن المتعاملين مع مكتبه،و عدم الالتزام بمبدأ ما يسمى بسر المهنة في كل ما يتعلق بالجمهور و على الرغم من النجاح الذي حققه "ايفي لي"في هذا المجال و الذي تبعه فيه"ادوارد بارنيز" "edward barnays"و "تومي روس"tommy ross"و "كارل نيوسن"carl nesson"فان ميدان العلاقات العامة لم يكن له التأثير القوي و الصدى العميق على المجتمع الأمريكي حتى عام 1929.
و مع نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1945كان تطور العلاقات العامة مستمرا و ملحوظا للكثيرين سواء في أمريكا أو أوروبا أو في بقية العالم ،إذ أصبح في كل مؤسسة إدارة في مجال العلاقات العامة أو الإعلام و هكذا تم إنشاء عدة هيئات مهنية متخصصة في هذا المجال ،ففي سنة 1949 أسس بعض المقدمين المتخصصين في هذا القطاع "نادي البيت البلوري "ثم المكتب الدولي للعلاقات العامة" I P R A"الذي كان يجمع المهتمين في مجال العلاقات العامة من عدة بلدان أوروبية ، وفي 1954انشات "المجلة المهنية للعلاقات العامة"كما شهدت سنة1957تاسبس الاتحاد الوطني للملحقين الصحفيين و النقابة الوطنية لمجالس العلاقات العامة و في 1959تم إنشاء المركز الأوروبي للعلاقات العامة و في سنة 1965تمت الموافقة في أثينا على ميثاق الشرف الدولي للعلاقات العامة وهو ما يسمى اختصارا أثينا.


المصدر :
http://lakhdartoday.blogspot.com/2012/05/blog-post_102.html