728X90

4:03 ص

هوية المنظمة



العلاقات العامة، مرآة تعكس بوضوح وصدق حقيقة المؤسسة، ولا يمكن أن تعكس الصورة أفضل من الحقيقة، وتعتبر من التخصصات التي أصبح لها إقبال وترويج سواء في كليات الاتصال أو المؤسسات، حيث مجالها حساس جداً لارتباطه الوثيق بالمتعاملين والموظفين، وأيضاً لارتباطه بدور المستشار والناصح الأول للمؤسسة والواقي لها من الانزلاق في أزمات. إلا أن ما يلفت النظر، هو أن دور العلاقات العامة ــ و خاصة في بلداننا النامية ــ تقلص واقتصر على إقامة الفعاليات والحفلات واستقبال الضيوف و إعداد المطبوعات...


وقد أجرينا مقابلة مع الدكتور/ عبده محمد داوؤد في عددنا 12 وفي هذا العدد إنما تكملة لتلك المقبلة.

كيف تبين لنا واقع العلاقات العامة في وقتنا الحاضر؟

في الوقت الراهن تعيش العلاقات العامة واقعاً غير مرضِ لكثير من الباحثين، الأمر الذي دفع بالعلاقات العامة أن تبتعد عن المبادئ الأساسية التي قامت عليها عند نشأتها. وذلك نتيجة لعدة أسباب منها: أن المنظمات الكبرى أصبحت توظف العلاقات العامة لخدمة مصلحتها فقط، وليس لخدمة الجمهور، حيث أصبح مسئولو العلاقات العامة في تلك الشركات مروجين لأهداف المؤسسة فحسب.

فكثير من مسئولي العلاقات العامة داخل المؤسسات يعدون الجماهير بوعود كاذبة وخاصة لجمهور المستثمرين والمودعين في البنوك والمؤسسات المالية الكبرى كما حصل في الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة المالية العالمية والتي بدأت شرارتها تشتعل منذ نهاية العام 2008م، و لعلّ ذلك  بسبب إيصال و تمليك معلومات خاطئة لجمهور المستثمرين و المودعين .

أما واقع العلاقات العامة في المؤسسات الاجتماعية والدوائر الحكومية، فإن واقعها يتسم بالقصور في الأداء، وذلك ربما يعود إلى سوء الفهم للمفهوم الحقيقي للعلاقات العامة، أو عدم فهم المهام الحقيقية التي يجب أن تقوم بها العلاقات العامة. حيث أن من يتولون إدارة العلاقات العامة معظمهم أُناس غير مؤهلين علمياً ولا أكاديمياً ويتولون وظائف العلاقات العامة في هذه المؤسسات. الأمر الذي جعل عمل العلاقات العامة يقتصر على الاستقبال وحجز الفنادق والتذاكر واستقبال الضيوف و تسهيل الإجراءات.... وإن كان هذا جزء صغير فقط من المهام الرئيسة للعلاقات العامة .....

 هل العلاقات العامة تخلت عن دورها الحقيقي ومشاركتها في لعب دور المستشار للمؤسسة في توجيه خططها نحو حاجات الجمهور ورغباتهم وتقلص الدور في الفعاليات والحفلات والاستقبالات وبعض المطبوعات؟

إن إجابة هذا السؤال تحوم في نفس إجابة السؤال السابق،،،، وفعلاً العلاقات العامة تلعب دور المستشار، وذلك عن طريق تقديم النصح والإرشاد للمؤسسة بحيث تقي المؤسسة من الوقوع في الأزمات. فهذه الفلسفة تتكون من جزأين: الاستشارات والاتصالات، حيث يقوم الدور الاستشاري بتقديم النصح إلى المؤسسة، بينما عملية الاتصال تقوم على تنفيذ العملية الاتصالية بين المنظمة والجماهير للوصول إلى التفاهم بين المنظمة والمتعاملين.....

 لكن ما تقوم به إدارة العلاقات العامة اليوم هو عبارة عن دور المستشار الذي يقوم بتنفيذ أجندات المنظمة وأهدافها دون مراعاة لمصالح الجماهير التي تتعامل مع هذه المنظمة .

وعندما تركز العلاقات العامة مهمتها في خدمة أهداف المؤسسة فقط...بالتأكيد هذا التصرف سيؤدي بها إلى فقدان الثقة في المنظمة  من قبل جماهيرها ، و العلاقات العامة وُجدت أساساً لتثبيت و توطيد هذه الثقة بين الطرفين (المنظمة و الجماهير) ، فمثلاً الصحفي عندما يحرر التقارير الصحفية، فإنه لا يقوم بالتغطية الصحفية الكافية، بل يستقبل المعلومات من قسم العلاقات العامة مجهزة على حسب ما تريد المؤسسة أن تُعطيه إلى جماهيرها، وبالتالي يتم تناول الموضوعات التي تتسم بالإيجابيات بينما يتم تجاهل الموضوعات أو القضايا السلبية التي لا ترغب المنظمة في نشرها و تمليكها للجماهير حتى تقف على الحائق كاملة ، و هو ما يقود في نهاية الأمر إلى وقوع المنظمة في الأزمات و المشاكل  أما بالنسبة لإعداد الفعاليات والمطبوعات والحفلات والمناسبات فهي تُعد جزءاً من مهام العلاقات العامة،  و لكنها ليست المهام الرئيسة للعلاقات العامة .

   فالعلاقات العامة لها دور كبير في صياغة هوية المنظمة، وهوية المنظمة أو Corporation Identity) مصطلح يُشير إلى ما تُحاول المنظمة نشره سواء كان ذلك بقصد أو بغير قصد عبر طرق متعددة  على سبيل المثال شعار المنظمة أو كيفية تصميم المنتج أو تقديم الخدمة ، فمثلاً إدارة العلاقات العامة في شركة نايك التي تُنتج الملابس و المعدات الرياضية ، لعبت دوراً ناجحاً على المستوى العالمي، وذلك من خلال استقطاب شخصيات عالمية رياضية، وكذلك من خلال المناسبات الرياضية كالأولمبيات ،،، فاستطاعت هذه الشركة أن تبني هوية كبيرة جداً في أذهان الرياضيين، ولذا تعتبر الهوية هي الأساس التي تبنى عليه الصورة الذهنية عن المنظمة لدى الجماهير....


فعملية التحكم و السيطرة على هوية المنظمة وكل ما يتم نشره يعتبر مقدمة لبناء صورة متميزة عن المنظمة، والعكس صحيح ، أي إذا أُهملت السيطرة و التحكم في تأسيس هوية جيّدة للمنظمة، فإنّ ذلك ستؤدي إلى بناء صورة ذهنية سلبية عنها....

المصدر