728X90

11:39 م

إدارة العـلاقـات العامـة للاتصال في الأزمــات



الأهمية الإستراتيجية لوظيفة العلاقات العامة لا تتضح تماماً إلا عندما تواجه المؤسسات (الخاصة والعامة، الحكومية وغير الحكومية) أزمة ما، تهدد وضعها ومقدرتها على العمل والمنافس أو تهدد وجودها ذاته، وقدرتها على البقاء.


في الأزمات تصبح المؤسسات عرضة لمراقبة الإعلام فتقوم وسائل الإعلام والجمهور معاً بوضعها على طاولة التشريح لفحصها بدقة وتصبح جميع حركات المؤسسة وسكناتها موضع مراقبة وتحليل وانتقاد من جمهورها بجميع شرائحه، خاصة أن مصالحهم مرهونة بنجاح المؤسسة أو فشلها، ولذلك فهم عادة يهتمون بتتبع ما ستؤول إليه حال المؤسسة أو الجهة التي تتعرض للأزمة في نهاية الأمر.
الأزمة: نقطة تحول في موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضاع غير مستقرة/ ما يهدّد المصالح والبنية الأساسية وتحدث نتائج غير مرغوب بها، كل ذلك قد يجري في وقت قصير يلزم معه اتخاذ قرار محدّد للمواجهة، تكون فيه الأطراف المعنية غير مستعدة أو قادرة على المواجهة، وتظهر الأزمة عندما تخرج المشكلات عن نطاق السيطرة، وتتلاقى الأحداث، وتتشابك الأسباب بالنتائج ويفقد معها متخذ القرار قدرته على السيطرة على مسار الأزمة.
إدارة الأزمة: تعني طريقة التغلب عليها والتحكم بضغطها، ومساراتها، واتجاهاتها، وتجنب سلبياتها والاستفادة من إيجابياتها، و تحقيق أقصى المكاسب في أقصر زمن والحدّ من الخسارات لأدنى حدّ ممكن .
يسأل البعض هل للأزمات ايجابيات للاستفادة منها؟ نقول نعم..كما يقول الصينيون :” كل أزمة تلد معها فرصة”.

وهكذا فإن إحدى وظائف العلاقات العامة هي الحيلولة دون حدوث أزمات، والتغلب عليها في حال حدوثها، وهذا ما يسمى بـ إدارة الاتصال في الأزمات ، و لا يعدّ حدوث الأزمات شيئاً جديداً في حد ذاته، سواء أكان على مستوى الفرد، المؤسسة ، وحتى على مستوى الدول ، والحكومات فتتعرض للكثير من الأزمات في السنوات الأخيرة.

الشيء الجديد هو أن الباحثين بدؤوا يولون هذه القضية الاهتمام اللازم، لأنهم شعروا أن بإمكانهم فعل شيء حيال الأزمات وإدارتها.

فعلم إدارة الأزمات، بدأ يظهر نتيجة للتطور العلمي، والتكنولوجي الذي قدم وسائل وأدوات للتعامل مع الأزمات وإدارتها وتحديداً إدارة التواصل مع الرأي العام(الجمهور) الذي يتأثر بالأزمة، وله الدور الأساسي في حل أو تعقيد الأزمة،

هنا يأتي دور العلاقات العامة التي تقوم بدور كبير وفعّال عند حدوث الأزمة، وخاصة أن النتائج غير المرغوب فيها للأزمات تنعكس على الأفراد (الجمهور) بغض النظر عن نوع الأزمة ومستواها، والسبب في ذلك أن أبعاد الأزمة يمكن أن تكون اجتماعية أو اقتصادية أو بيئية أو حتى سياسية.
الاتصـال أثناء الأزمـات

المبدأ الرئيسي للاتصال في الأزمات هو ” عدم الانعزال” في حل حدثت مأساة أو مشكلة (أزمة) ما، والاتصال هو الأمر الأكثر فاعلية في ظروف الأزمات، الاتصال الذي يقدم بسرعة كبيرة المعلومات الصريحة لوسائل الإعلام التي تراقب وتنقل كل ما يتعلق بالأزمة مهما صغر شأنه.

في ظروف الأزمة تصاب الإدارة العليا للمؤسسة بصدمة، وغالباً أول رد فعل للإدارة : ” تعالوا ننتظر ريثما يتضح الموقف ونفهم أبعاد وتأثير الأزمة”… إلا أن الصمت سيكون بمثابة  “صب الزيت على النار” .

هنا لا بد من خروج رواية (القصة الرسمية) للمؤسسة، مع توفر حد أدنى من المعلومات، والتي يجب أن تلبي احتياجات وسائل الإعلام وبالتالي الجمهور.... في حال الصمت وغياب الرواية الرسمية للمؤسسة، سيفترض الجمهور أن الجهة التي تتعرض لأزمة قد اتخذت قراراً ما، أو تخفي شيءً ما، وهذا يزعج وسائل الإعلام، والمشكلة تتأزم أكثر، ومن جهة أخرى قد تبرز مشكلة أخرى تتمثل في أن المعلقين والمراسلين في وسائل الإعلام ، والراغبون في الحصول على سبق صحفي، قد يستخدمون لغة انفعالية للغاية في تقييم الموقف ونقل الأحداث..لذلك ننصح بأن تخرج رواية رسمية للمؤسسة توصف الحدث وتعترف بالأزمة على أقل تقدير.

إن غالبية العاملين في العلاقات العامة المهنيين مقتنعون أن القاعدة الأساس للاتصال خلال الأزمة يجب أن تكون: / الاعتراف بالأزمة وقول الحقيقة/، ولذلك نؤكد على القاعدة الذهبية والتي تقول : “عندما يُقدّم الخبر بسرعة فإنه يوقف زحف الشائعات والأقاويل، ويهدئ الأعصاب في الأوساط الاجتماعية.

وفيما يتعلق بأهداف السيطرة على الأزمة فلا تعقيد في ذلك، ولكن ما هي أبرز هذه الأهداف.
أولاً:وضع نهاية فورية للأزمة.ثانياً:جعل الخسائر في حدها الأدنى .ثالثاً:إعادة الثقـة.
 يعدّ التخطيط أحد الشروط الهامة للسيطرة على الأزمة، وإن ذوي الآراء الطائشة هم الذين يلحقون الضرر الأكبر بالتخطيط لمواجهة الأزمة وكأنهم يقولون “إن هذا أو ذلك لا يمكن أن يكون” وهذا بالذات ما حدث مع ( ناسا ) “التي بدت في وضع حرج بسبب مأساة السفينة الفضائية الأمريكية ” تشيلينجر ” التي انفجرت في العام 1986. إن الوكالة الأمريكية الكبرى للأبحاث الفضائية بدت بلا حول ولا قوة أمام هذه الكارثة.

والمثال الآخر الناجح ، إدارة الأزمة التي تعرضت لها شركة جونسون &جونسون Johnson & Johnson و المعروفة بأزمة التيلنول في أكتوبر 1982 ....يعتقد الخبراء إن هذه الأزمة تمت إدارتها بتقدير ممتاز وأنها تعد الأفضل في مجال إدارة أزمات للمؤسسات والشركات العاملة في هذا القطاع....نجحت الشركة في التعامل مع أول إشارة لوقوع الأزمة ، وأخذت الموضوع بجدية.. وشكلت فريق إدارة الأزمة ..و القرارات التي اتخذتها الشركة كانت صائبة في جميع قراراتها. حيث قامت الشركة بسحب الدواء من السوق بتكلفة 100 مليون دولار ،. وقامت بحملة إعلانية ضخمة لتسويق منتجها القديم في العبوات الجديدة وتم توزيع 450,000 رسالة بالبريد الإكترونى على أعضاء الهيئات الطبية و الموزعين لإعلامهم بهذه العبوة الجديدة ومن اجل تحفيز الجمهور على الشراء ، تم الإعلان عن إمكانية الحصول على كبون بقيمة دولارين ونصف عند شراء أي من منتجات TYLENOL .

يؤكد خبراء العلاقات العامة المهنيون على أنه ما إن تنشب الأزمة فعلى المؤسسة التقويم المتعدد الجوانب لقنوات اتصالاتها، لاسيما من وجهة نظر تلبية طلبات وسائل الإعلام. ولهذا الهدف يجب عليها أن تسأل المؤسسة نفسها:
1 . ما الفائدة من التعاون مع وسائل.

2. ما درجة المخاطرة في حال عدم التعاون مع وسائل الإعلام؟

وللإجابة على هذه التساؤلات وغيرها، ننصح بامتلاك مهارات بناء علاقات إعلامية فعاله، وكيفية التعامل مع وسائل الإعلام.

الاتصال في ظروف الأزمة.

إن عملية الاتصال في ظروف الأزمة، ترتبط بالتقدير الدقيق للمخاطرة، وفائدة الإعلان عن الخبر، وترتبط فاعلية الخبر أيضاً بالدرجة التي تؤخذ فيها النصيحة المقدمة من المختصين، ورجال العلاقات العامة. إن التحدي الذي تفرضه الأزمات يتطلب طريقة فردية واهتماماً بخصائص المشكلة المتأزمة في هذه الحالة. ولا أحد يستطيع تقديم الضمانات حول الأفعال التي ستساعد المؤسسة على الخروج السريع من الأزمة. لكنّ هناك شيئاً واحداً لا شك فيه ، ألا وهو أن مهنية رجال العلاقات العامة وخبرتهم تُخْتَبَرُ بالقَدْر الذي يستطيعون فيه إخراج المؤسسة من الأزمة، وكأنهم مرشدون بحريَّون يتجنبون الأماكن الضحل .

النجـاح أثناء الأزمات
هناك ثلاثة عوامل رئيسية :1.وجود خطة اتصالات كجزء لا يتجزّأ من الخطة العامة للتغلب على الأزمة.
2.تشكيل فريق خاصّ لمكافحة الأزمة.3.استخدام شخص واحد كي يقوم بمهمة الناطق الإعلامي- الصحفي خلال الأزمة.
عند وضع خطة الاتصالات لابد من تذكر أن جمهور المؤسسة سوف يناقشون بلا شك مسائل الأزمة مع جيرانهم ن وأصدقائهم ، ومعارفهم بغضّ النظر عن أنهم مفوّضون بذلك أم لا. لذلك على خطة جهود الاتصالات أن تأخذ بالحسبان الحجم الكبير للجمهور داخل المؤسسة وخارجها.

ومن المهم جداً وضع جدول محدد للتواصل عبر الإعلام، بما في ذلك استخدام المذكرات، والنشرات الإخبارية، والصحافة، والإذاعة، والتلفاز، والاتصالات الهاتفية، وغيرها. ويجب أن يعين أناس موثوق بهم من بين جمهور المؤسسة للمشاركة في وضع خطة الاتصالات، ومعالجة نظام تدقيق التصريحات وغيرها من الوثائق قبل الإعلام عنها.

فيما يتعلق بالمواد الإعلامية وغيرها من الأنباء، من المهم أن يعدّها فريق متخصص مركزياً تعيّنه رئاسة المؤسسة. ويجب أن يتلقى الدعم الكبير من العاملين في الشؤون القانونية أو من المستشارين الذين يمكن دعوتهم من إدارات متخصصة أخرى. وعلى الفريق المعني بإدارة الاتصال في الازمة، أن يكون معفى من عمله الأساسي خلال الأزمة. وإن لم يتم ذلك فإن هذا الفريق سيكون أداؤه خلال الأزمة ضعيف ، ولن يستطيعوا السيطرة على الازمة.

إن بعض الموظفون الذين يعينون في فريق مكافحة الأزمة ، ملزمون بتحمل كل عبء العمل المتعلق بجمع المواد ودراستها، وتوظيفها، وتصنيفها، وتحري المعطيات المتناقضة، ومراقبة الأنباء، وتقديمها للعاملين الآخرين في الجماعة المسؤوله مباشرة عن توزيعها، ونشرها، وأيضاً إلى ( الناطق الصحفي ) الذي يتحدث باسم المؤسسة . ولابد أيضاً من تعيين الشخص الذي عليه أن يقدّر مدى تأثير الأزمة في مختلف فئات الوسط الاجتماعي(الجمهور)، وأن يقود الفريق الذي يقدر مدى التأثير الذي تتركه الأخبار على هذه الفئات.
تنشأ خلال الأزمة، كقاعدة، تناقضات بين النصائح المقدمة لرئاسة المؤسسة من رجال القانون من جهة وبين العاملين في العلاقات العامة من جهة ثانية. وليس سراً أن يكون المستشارون في الشؤون القانونية أكثر ميلاً ” إلى الامتناع عن إعطاء أي تعليقات ” أو أخبار، أما العاملون في العلاقات العامة فيصرون على ” العلانية “. عندئذٍ هؤلاء وأولئك يسوّغون ويبرهنون على صحة آرائهم .

فمثلاً إن المستشارين القانونيين ينطلقون من أن القوى المعارضة تتمسك بكل كلمة حرفياً، لذلك لابد من التقليل من الكلام قَدْرَ الإمكان. لذلك يمكن فهمهم لأن العلانية في واقع الأمر تحدث مشكلات إضافية عديدة للقانونيين الذين يسعون حسب رؤيتهم للدفاع عن المؤسسة.

لكن في الوقت نفسه لا يجوز نسيان أن الصراحة والعلانية في ظروف الأزمة تعد أيضاً مثمرة في تأثيرها على الرأي العام. ولابد من التذكير: بضرورة الأخذ بالحسبان هل سينظر في الأزمة قضائياً على مستوى المحكمة العادية أو العليا. وهذه العملية سوف تترافق بمناخ معين للرأي العام. إذا كان هذا المناخ في صالح المؤسسة، فهذا جيد.

هناك رأي آخر فيما يتعلق بضرورة وأهمية العلانية: لدى كل مؤسسة تقع في أزمة يكون الخيار بسيطاً على الدوام. إما أن تعلق هي بالذات، وإما أن يقوم بذلك طرف آخر، والأفضل أن تقوم المؤسسة بذلك .

أكد /روبرت ديلينشنايدر / الرئيس السابق لإحدى الشركات الكبرى في الولايات المتحدة المتخصصة بالعلاقات العامة قائلاً : ” على المؤسسة التي تتعرض لأزمة أن تخرج إلى الجمهور مباشرةً بعد الإعلان عن هذه الأزمة في قنوات الأخبار ووسائل الإعلام الجماهيرية “. ...بعد وضع خطة الاستجابة للأزمة، وإعلام الوسط الاجتماعي (الجمهور) داخل المؤسسة وخارجها عن أوضاع المؤسسة،يجب تشكيل فريق متخصص للقيام بالخطوة التالية والمهمة جداً ،والموجهة نحو الخروج من الأزمة وهي: تعيين ناطق- رسمي- صحفي يتمتع بالثقة والحضور، و لاشك أن الاختيار الصحيح لهذه الشخصية (الناطق الرسمي) والذي يتمتع بصفات جيدة خطوة مهمة للتغلب على الأزمة، وهذا ما يؤكده مشاهير رجال العلاقات العامة .
الناطق الصحفي:
إن دور الناطق الصحفي يمكن أن يأخذه على عاتقه مدير المؤسسة، لكن ذلك ليس مسوغاً دائماً. فمثلاً لا يجوز أن ننسى أن المدير هو المسؤول أيضاً عن اتخاذ القرارات التقنية المهمة لحلّ الأزمة. لكن مهما يكن من أمر، فإن المعين والمعطى صلاحية الناطق الصحفي عليه أن يكون معروفاً و أن يتمتع بالشهرة والثقة، وأن يقبل كشخصية تمتلك آخر الأنباء عن كل ما يحدث. وعليه أن يعرف كل جوانب الأزمة، ويدرك أهميتها والآثار المتوقعة والمحتملة، وكذلك تكون لديه الصلاحيات الاستثنائية بالتحدث باسم المؤسسة.

الناطق الصحفي يجب أن يكون ضمن تشكيلة الفريق المسؤول عن إدارة الأزمة ، وأن يقوم بمهمة الشخصية الرئيسة التي تقوم بال اتصالمع وسائل الإعلام. وفي الحالات التي تنشأ فيها ضرورة استبدال الناطق الصحفي بناطق صحفي آخر ( هذا يمكن أن يحدث عند مرض الأول) أو عندما تكون هناك ضرورة لتعيين شخصية أخرى إضافية، (مثلاً تحت ضغط التطور المتسارع للأحداث)، ولابد من التأكد من أن هذا التغيير متكافئ أو أن الناطقَين الصُحفيَين يقدمان أنباء مماثلة.
نشير في هذه الأثناء إلى أنه إن دعت الحاجة إلى تعيين ناطق صحفي محدد لإخبار الجمهور الداخلي، فيجب أن تتمتع شخصيته بثقة كبير من قبل العاملين في المؤسسة.

أما فيما يتعلق بالناطق الصحفي المكلف بإخبار الجمهور الخارجي، فيجب أن تكون شخصية محترمة، تتمتع بشهرة كبيرة في الوسطين الاجتماعيين الداخلي والخارجي على حدٍ سواء. إذا لم يتحقق ذلك فإن الثقة بأخبار المؤسسة ستكون ضعيفة، وتبدأ الأقاويل والشائعات بالظهور، الأمر الذي سيضر بسمعة المؤسسة، وبعملية إدارة والتغلب على الأزمة .

العاملون في المؤسسة (الجمهور الداخلي)

إضافة إلى هذه العوامل التنظيمية الأساسية ، هناك عوامل أخرى لها أهمية كبيرة أيضاً، كما أشرنا سابقاً، وهي أن العاملين في المؤسسة يشكلون عاملاً مهماً من عوامل الاتصالات الناجحة. وليس صعباً التخمين بأن العاملين في المؤسسة بالذات هم الحاضرون في الرتل الأول أثناء الاتصال، خاصة في ظروف الأزمة، ففي وقت التماس مع (الجمهور) الخارجي يعدّ هؤلاء ممثلين للمؤسسة، وآراؤهم ستكون محل ثقة خاصة، وإن فكرنا بهذا الظرف بالذات، وفي إطار أوسع يصبح من الواضح أن الناس الذين يتواصل معهم العاملون في المؤسسة ( خارج المؤسسة) هم من حيث الجوهر إما ممثلو كل فئات الوسط الاجتماعي من ذوي الأولوية بدءً من العاملين في وسائل الإعلام وانتهاءً بالمستهلكين الذين يرتبط بهم خروج المؤسسة من الأزمة، وهم بدورهم يشكلون حلاقة مهمة في الاتصال مع الجمهور.

للأسف إن الإدارة العليا للمؤسسة ، تعير القليل من الاهتمام للعاملين لديها، في ظروف الأزمة . وهذا مؤشر على ضعف موقف وموقع المؤسسة وعدم احترام للعاملين فيها.

إن العاملين في المؤسسة هم من أهم عوامل النجاح، أو الفشل في إدارة الأزمة.

يكونون في حالة خمول و كآبة خلال فترة الأزمة ، إذ يقلقهم قبل كل شيء مصيرهم الخاص، ومن ثم مصير المؤسسة. إنهم جميعاً يصبحون أسرى القنوات الداخلية لنشر الأقاويل والشائعات ، والأنباء الغير رسمية المنتشرة عبر وسائل الإعلام.

في هذه الظروف من المهم جداً أن يحصل العاملون على المعلومات من إدارة المؤسسة مباشرةً.

وهنا على الإدارة العليا أن تعي و تدرك أن الجمهور الداخلي لها هم بالذات يمكن أن يكونوا عاملاً مهماً ومفتاحياً من عوامل قدرة المؤسسة على العيش والاستمرار في ظروف الأزمة والتغلب عليها وعلى آثارها.

قيادة المؤسسة

إن العامل الآخر والمهم للاتصال الناجح هو سلوك قيادة المؤسسة في ظروف الأزمة. وعلى رجال العلاقات العامة الفهم المسبق للمناخ الخاص وبالطريقة التي سوف تتصرف بها القيادة- الغدارة العليا للمؤسسة في حال تعرضت المؤسسة لأزمة. يقدم المتخصص الأمريكي بقضايا مكافحة الأزمات ( بوب كاريل ) بعض العناصر الخاصة بالحالات القادرة على تعقيد سلوك قيادة المؤسسة في وقت الأزمات وهي :

1.في لحظة تفجّر الأزمة ليس سهلاً دوماً تحديد أبعادها.
2.ليس سهلاً على الدوام الإقرار، مَنْ الأشخاص وفئات الجمهور التي بدت تحت وقع الأزمة.
3.وليس سهلاً دائماً تفسير أسباب حدوث الأزمة. وأحياناً تبقى أسبابها غير مفهومة حتى النهاية .
4.إن الجمهور الذي تمّسه الأزمة مباشرة يشعر باستمرار أنه مصاب.
5.إن فئات الجمهور ، لاسيما تلك التي تؤثر فيها الأزمة تنتظر الخبر الدقيق والضروري لها، مع العلم أن هذا الانتظار يأخذ الشكل المتضخم في بعض الأوقات.
6.اتخاذ القرار عن نشر الخبر يفرض نفسه في ظروف حالة توتر عالية أحياناً.
7.تستدعي الأزمة إلى تقوية العامل الانفعالي في سلوك كل من تمسه.

يؤكد غالبية المتخصصين في العلاقات العامة ، أن سلوك القيادة في حالات الأزمات يتحددّ في كثير منه بماهية أسلوب السلوك ( ” مغلق” أم ” منفتح “) الذي تنتهجه هذه القيادة، ونشير إلى أن هذا العنصر كأسلوب السلوك يتكون على أساس الفهم النظري ” الثقافة الجماعية ” وهذا يشترط نهج استجابة القيادة لمتطلبات الجمهور الداخلي والخارجي .

أهم الثوابت في الأزمات: أولاً : الناس يعلمون بشكل رئيس عن الأزمة عن طريق قنوات الاتصالات الشخصية .

وخصوصاً عندما تنشب الأزمة في منطقة جغرافية محددة، مثلاً:حدث انفجار في مصنع يقع بالقرب من مركز سكاني، وعمال المصنع يستطيعون نشر هذا الخبر بين سكانه قبل أن تنشره وسائل الإعلام.
ثانياً: إن الناس ميالون إلى تفسير أهمية الأزمة وجديّتها من وجهة نظر المخاطرة الشخصية والخطر على الحياة، الأمر الذي يجعلها عندهم مهمة.

ثالثاً: تعد المصادر الحكومية للأنباء الأكثر هيبة بين مصادر الأنباء الأخرى.
رابعاً: الحجم العام للأنباء عن الأزمة في وسائل الإعلام الجماهيري يشكل عند الأوساط الاجتماعية العريضة مؤشراً على جديتها.
خامساً: إن وجود الخبر عن الأزمة في وسائل الاتصالات سهلة التداول يخفف من زحف الأقاويل، ويساعد على دقة تقديرات الوضع عند الأوساط الواسعة من المجتمع.

إدارة الاتصال في الأزمات مسألة تحتاج إلى الكثير من المهنية ، والقدرة على الإدارة والتخطيط، وتنفيذ برامج اتصال فعالة تستهدف الجمهور الداخلي ، والخارجي للمؤسسة ، ووسائل إعلام .

الكثير الكثير من الأزمات بدت صغيرة ، ومحدودة الآثار… لكن سوء الإدارة الذي رافقها، كان السبب في تفاقمها، وقد أدى إلى انهيار كامل للمؤسسات التي لم تتعامل بمهنية أثناء التواصل مع جمهور المؤسسة...وما سبق، ليس إلا القليل مما يجب علينا معرفته كمختصين في مجالي العلاقات العامة وإدارة التواصل في الأزمات.

تحذير واجب : لا يجوز نشر من هذا المقال أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع أو نقله على أي نحو، أو بأي طريقة كانت (إلكترونية أو ميكانيكية) أو خلاف ذلك،دون ذكر المصدر بشكل واضح ودقيق. تحت طائلة المسائلة القانونية.


 المصدر
د.نزار ميهوب  gd@ipra-ar.org
http://www.ipra-ar.org/alpha/topic/view.php?id=13