728X90

5:52 م

هوية المنظمة: كيف ينظر الأفراد إلى منظمتهم؟



د. عبدالله البريدي  
تؤكد الأدبيات العلمية على أن المنظمة قبل أن تعرف ما يتوجب عليها عمله، يجب أن تدرك ما هي؟ ما ماهيتها؟، أو ما يعرف بـ "الهوية التنظيمية ". و يشير مصطلح الهوية التنظيمية Organizational Identity إلى ما يشعر به أفراد المنظمة وما يفكرون به وما يحملونه من اتجاهات ورؤى مشتركة تجاه منظمتهم، قيماً وفلسفةً وهياكل تنظيمية ونمط عمل والتي تتشكّل من خلال العديد من العوامل والمؤثرات. ومن أبرز تلك العوامل هو تأثير القادة والمديرين وما يحملونه من رؤى وفلسفة وما يطورون من استراتيجيات وما يخلقونه من ثقافة تنظيمية.

ويميل الكاتب إلى القول بأن الهوية التنظيمية تشكّّل الصورة الانطباعية في أذهان الأفراد تجاه منظماتهم بجوانبها السلبية والإيجابية، إذن يمكننا القول بأن الهوية التنظيمية هي "الصورة الانطباعية الداخلية". وتعتبر تلك الصورة انعكاساً ديناميكياً لطبيعة الثقافة التنظيمية، كما يقرر ذلك بعض الباحثين.
ومن المهم الإشارة إلى أن هذه المسألة تعد من المسائل البحثية الحديثة حيث لم يلتفت الباحثون لدراستها بشكل ملحوظ إلا في التسعينيات الميلادية، ولكن يجب ألا نخلط بين دراسة أي ظاهرة نظرياً وحقيقة وجودها، أي أن عدم دراسة الظاهرة لا ينفي وجودها في عالمنا الذي نعيشه، وهذه نقطة منهجية يجب أن نتفطن لها جيداً ونعي مدلولاتها! كما يتوجب علينا إدراك أن تلك الصورة الانطباعية لا يلزم أن تكون متجانسة بين إدارات أو أقسام أو فروع المنظمة، أي أنها قد تكون إيجابية في إدارة وسلبية في إدارة أخرى.
وقد انتهت العديد من الأبحاث في الأدبيات الغربية إلى أن الصورة الانطباعية الداخلية الإيجابية المكتنزة في أذهان الأفراد تجاه المنظمة شرط في تحقيقها للنجاح والتميز، وبشكل أكثر تفصيلاُ أشارت هذه الأبحاث إلى أن تلك الصورة تؤدي إلى:
1.    زيادة منسوب الولاء التنظيمي والالتزام التنظيمي (اتجاهات الأفراد الإيجابية نحو المنظمة).
2.    رفع مستويات الإنتاجية وتحسينها وتدعيم الفعالية.
3.    تعزيز الممارسة الإبداعية في المنظمة بخلق الأفكار الجديدة وابتكار المشاريع والخدمات والمنتجات والأسواق الجديدة.
4.    زيادة معدلات الربحية.

وكل ما سبق يؤكد على وجود علاقة طردية بين الصورة الانطباعية الداخلية والثقافة التنظيمية، مما يجعلنا نعيد التشديد مرة بعد أخرى على وجوب خلق ثقافة تنظيمية إيجابية، وهذا لا يتأتى إلا إذا آمن المدير أو القائد العربي بدوره الخطير في خلق تلك الثقافة وأدرك حجم تأثيره الضخم في ذلك، إيجاباً وسلباً.    
وندرك بتجوالنا في أحوال المنظمات العربية أن بعضها "يجتهد" من حيث يشعر أو لا يشعر لخلق صورة انطباعية سلبية، وبعضها الآخر لا يكترث بهذه المسألة، وقسم ثالث لا يعي بوجود تلك الصورة ولا بحجم تأثيرها أصلاً، وقسم رابع - وهو قليل في نظري – من يبذل جهوداً من أجل إيجاد صورة انطباعية إيجابية.
ونحن بدورنا ندعو  المنظمات العربية إلى بذل عناية كافية لتلك المسألة بإجراء دراسات وقياسات علمية لتلك الصورة؛ ليكون ذلك متكئاً صلباً للتغيير ومدخلاً ذكياً للتطوير؟ كما ندعو المنظمات الرائدة في هذا المجال للمسارعة إلى نشر تجاربها وخبراتها، كما نطالب الجمعيات الإدارية العربية بعقد ندوات ومؤتمرات متخصصة لدراسة تلك القضية وتمكين المنظمات من الإفادة من تلك التجارب والخبرات وقصص النجاح ودروس الإخفاق.   

حكمة في السلوك التنظيمي
المنظمات الغبية تتجاهل حقيقة أن أفرادها يكتنزون صورة ذهنية انطباعية تجاه منظماتهم، فتلك الصورة لا تكون بحسب ما تعتقد تلك المنظمات أو تمليه عليهم بل بحسب ما يرى أولئك الأفراد وما يشعرون به وما يجدونه داخل أروقة منظماتهم!     

المصدر :