نشأت العلاقات العامة في الأساس وتطورت خلال الأزمات،
إذ أنه أثناء الاضطرابات والإضرابات والمشاكل الاجتماعية يصبح الإعلام صعباً، لذا يجدر
بالمؤسسة أن تشرح وتتواصل مع الجمهور.
في
هذا الوقت المكتظ بوسائل الإعلام قد يتاح لمسؤول ما أن يعرف بوجود اضطرابات في مؤسسته
من خلال وسائل الإعلام وفي هذه الأجواء تتزايد المداخلات التي تعقد الوضع وتتداخل العوامل
مما يجعل عمل مسؤول العلاقات العامة حساساً تجاه الجمهور الخارجي، إما لجهة الجمهور
الداخلي فإن الوضع لا يحسد عليه.
إن
اضطراب الجمهور من شأنه أن يضعف الثقة بالمؤسسة ويخلق جواً من عدم الاستقرار في مواجهة
الفوضى العارمة والمتطلبات المتناقضة للوضع. وإرضاءً للجمهور يتوجب على المؤسسة أن
تكون قادرة على القيام بردة فعل إيجابية، ردة الفعل الإيجابية هذه لا يمكن أن تكون
ناجحة إلا إذا كانت معدة مسبقاً وتطبيقها مدروساً.
من
هنا فإنه على مسؤول العلاقات العامة أن يجيد إدارة الأزمات، لأن الإدارة الجيدة للأزمة
قد تؤدي إلى إعطاء صورة جيدة للمؤسسة فيما بعد، من خلال استغلال ما يحصل.
إن إدارة الأزمة هي بمعنى آخر : معرفة تحديد المشكلة
أو الأزمات الممكنة الحصول واستنباط الحلول الملائمة لها مع المحافظة على الهدوء خلال
العاصفة. لذا فمن أجل إدارة أفضل للأزمة، من الضروري معرفة ما يجب فعله "قبل"
و "خلال" و "بعد" الأزمة.
قبل الأزمة :
إن
أية مؤسسة هي معرضة لمواجهة أزمة يوماً ما وهذا ما ينتج عادة عن تسريب للمعلومات، وعرض
شراء معاد، وسرقة، وخطأ في صناعة السلعة، ومؤامرة لإفلاس المؤسسة، والابتزاز، والخطف،
والكوارث الطبيعية، والفيضانات، والتلوث البيئي، والحرائق، أو حادث مفتعل أو غير مفتعل
... الخ. إذن فالأزمة يمكن أن تحصل في أية لحظة أكانت متوقعة أم غير متوقعة كما إن
التحضير لمواجهتها ممكناً.
يجب
دراسة الميادين التي يمكن معالجتها في المؤسسة والتحرك بشكل وقائي لاختصار مخاطر الأخطاء
الممكنة، كما يمكن تحديد الحوادث الممكنة الحصول ووضع الخطط والحلول الممكنة لها عند
حصولها.
لابد
من إعداد لائحة بالجمهور المعني بالمؤسسة ونشاطاتها الذي يكون له دور خلال الأزمات
: وسائل الإعلام، الموظفين، النقابات، السلطات المحلية، مجموعات المستهلكين، السكان
المجاورون للمؤسسة ... الخ. حيث إن توجيه رسائل إعلامية لكل فئة من هذه الفئات من أجل
كسب تعاونهم يبدو ضرورياً، والصحافيون هم أهم الشركاء نظراً لقدرة تأثيرهم على الرأي
العام، لذا يجب إقامة علاقة طيبة معهم تقوم على الثقة المتبادلة وإعطائهم معلومات محددة
وتنظيم لقاءات دورية معهم.
يلعب
الموظفون دوراً هاماً في الرأي العام لذلك يجب عدم إهمالهم، فالتشاور معهم مفيد جداً
لجهة معرفة وتحديد دور كل واحد منهم خلال الأزمات. على كل حال فإن الإعلام خلال الأزمات
يشكل القاعدة الذهبية للتعاطي معها.
خلال الأزمة :
عند
حصول الأزمة يجب أن نتحرك فوراً لإدارتها، السرعة في ردة الفعل غالباً ما تكون مفيدة،
وليس التسرع، من أجل ذلك فإن الخطوة الأولى تكمن في تشكيل "خلية أزمة" تكون
بمثابة مصدر المعلومات. تضم هذه الخلية إضافة إلى المدراء مسؤول العلاقات العامة، الملحق
الإعلامي، ممثل عن الموظفين ومهندس تقني موثوق به في حال كانت الأزمة تقنية.
تأخذ خلية الأزمة بعين الاعتبار الخطوات التالية
:
- افتراض كل الاحتمالات والإعداد لمواجهتها.
- إعداد لائحة بكل الكوارث المحتملة وإعداد خطة
لمواجهة كل سيناريو على حده، على أن تتضمن هذه الخطة كيفية إعلام العاملين والرسميين
المعنيين بالمشكلة، كذلك وسائل الإعلام والجمهور.
- عقد اجتماع لكل المسؤولين ومناقشة المشكلة ودور
كل مسؤول والمسؤوليات المناطة به (التخطيط بعمق يرفع من حظوظ النتائج الإيجابية).
بعد
تشكيل خلية الأزمة، يتم تعيين ناطق رسمي وغالباً ما يكون الملحق الإعلامي ذاته، يداوم
هذا الناطق في كل مكان الأزمة، ثم يجهز لإصدار بيان محضر من قبل خلية الأزمة وبلغة
الملحق الإعلامي لاستثمار علاقات الثقة التي تم نسجها سابقاً مع الصحفيين. بعد إصدار
البيان تبدأ عملية إعطاء المواعيد للزبائن والشركاء لتوضيح الأمور شرط أن لا نبوح بكل
شيء لأن السكون غالباً ما يكون من الفضائل خلال الأزمات، المهم هو طمأنتهم وإفهامهم
الوضع، وكلما كان الخطاب واضحاً معهم كلما سهلت عملية الإقناع (علماً بأن الجمهور يتطلب
دائماً إجابات واضحة ومحددة).
وضع المخططات موضع التنفيذ :
مهما
تكن درجة ومستوى التخطيط لمواجهة الأزمة عالية، فإن التوتر سوف يرتفع خلال التنفيذ.
لذلك فإنه من المهم اختيار المسؤولين الذين يجيدون المحافظة على هدوئهم والتحكم بالوضع،
وكل فرد من أفراد خلية الأزمة يجب أن يكون لديه نسخة من مخطط مواجهة الأزمة الذي يحدد
الأدوار والمسؤوليات والتصرفات المطلوب القيام بها وذلك وفقاً للنصائح التالية :
- عند بداية الأزمة يجب تجميع المعلومات ومعرفة
مدى تجاوب وسائل الإعلام مع موضوع الأزمة.
- تحليل الصحافة يومياً.
- عدم التأخر في درة الفعل.
للتغلب على الأزمة علينا طرح السؤال : ماذا سيحدث
؟
- يجب
توقع أسوأ النتائج والأكثر تشاؤماً.
- يجب إعداد مكان لإدارة الأزمة يحتوي على هاتف،
فاكس، تلفزيون، كمبيوتر، انترنت.
- يجب وضع لائحة بالمهمات مع الأسماء وتواريخها.
- يجب
استشارة أشخاص سبق وعايشوا أزمات مشابهة.
- يجب إنشاء هيئة خارجية لنقل المعلومات مؤلفة
من الشركاء والحلفاء وحتى المنافسين المعرضين في أي وقت لهذه الأزمات.
- يجب الاهتمام بالمتعاونين مع المؤسسة، من أجل
إنشاء هيئة دعم معنوية.
- يجب إعداد ميزان لنقاط القوة ونقاط الضعف خلال
الأزمة للاستفادة منه لاحقاً.
- السكوت خلال الأزمة يمكن أن يفسح في المجال
أمام الشائعات والخوف، كما أن المبالغة في التطمين من شأنه إرباك الجمهور خصوصاً عن
التكذيب.
- يجب عدم إصدار التعليقات قبل تكليف أحدى بصفة
ناطق رسمي.
- يجب
عدم إعطاء المعلومات غير المؤكدة؟
- يجب الإجابة على الأسئلة كافة، كما يجب تسجيل
الأسئلة التي لا يمكن الرد عليها وتجميع المعلومات عنها للرد عليها لاحقاً.
- يجب على الناطق الرسمي أن يتعامل مع كل الأسئلة
بجدية دون استثناء ودون تكبر.
إدارة الإعلام :
تعتبر
حماية السمعة من الأولويات وذلك بواسطة إعلام الجمهور عن الإجراءات المتخذة لإصلاح
الوضع والقضاء على الأخطاء الحاصلة مع تضمين هذه الإجراءات الإثباتات الحسية على إصلاح
الأخطاء والاعتذار عنها. فالكوارث تفرض نفسها على وسائل الإعلام وهذا يمكن أن يضع أية
مؤسسة تحت الأضواء ولكن لأسباب سيئة، لذلك فإنه من الضروري معرفة كيفية إدارة العلاقة
مع وسائل الإعلام إذا نريد إيصال الرسالة بشكل جيد وإعطاء الصورة السليمة عن المؤسسة،
كما أنه يجب تحضير لائحة بالأشخاص الغير مرغوب ظهورهم على وسائل الإعلام، مع إعلام
فريق خلية الأزمة مسبقاً بهذا الأمر، لأنه من الصعب أحياناً مواجهة بعض الصحفيين العدوانيين
ومن الأفضل إعداد ناطق إعلامي لهذه الغاية.
إن
إعداد لائحة بالأسئلة الغير متوقعة والصعبة وتحضير إجابة ملائمة لها يعتبر من ضروريات
التحضير لمواجهة الأزمة في أي وقت.
الاهتمام بالموظفين :
إن
نجاح عملية الإعلام باتجاه الجمهور الداخلي للمؤسسة من شأنه النجاح في السيطرة على
الأزمة، لأن التوعية والمسؤولية في الأزمات يرشدان الموظفين عن كيفية التصرف في الخارج
ولأن الموظفين هم الجمهور المعني مباشرة بالأزمة. لذلك يجب إعلامهم بانتظام بطبيعة
الأزمة وأسبابها. إذ أن غياب المعلومات يفتح الباب على مصراعيه أمام الشائعات التي
تسري بسهولة وتعكر المناخ، لهذه الغاية يمكن اللجوء إلى الإنترنت، والمذكرات الداخلية
والاجتماعات.
إن
تأثير الأزمة على الموظفين يترك أثراً حتى بعد انتهاء الأزمة، كالصدمات النفسية أو
الانزعاج. وهنا يمكن اقتراح فرص للراحة والمساعدة النفسية لإزالة الرواسب الناتجة عن
الأزمة.
بعد الأزمة :
عندما
تنجح في إدارة الأزمة يجب الانطلاق بسياسة إعلامية جديدة من نقطة خطة الأزمة، إذ أن
الفشل الذي يتحول إلى نجاح يمكن أن يقوي مصداقية المؤسسة. يجب أن لا ننسى أن المبالغة
في استخدام وسائل الإعلام قد يحول النصر إلى فشل.
المصدر:
كتاب العلاقات العامة مبادئ ومفاهيم حديثة
- رضا النمراوي - 2009 - الإمارات
http://kenanaonline.com/users/ahmedkordy/posts/327132