يقدم نموذج العلاقات العامة الأمريكي على أنه
النموذج المرغوب فيه في جميع أنحاءالعالم. ولكن هذا لا يعني أن يعتبر كأفضل الممارسات.
التاريخ يكتب من قبل المنتصرين. أليس كذلك؟ لذلك
في مجال العلاقات العامة و الاتصال كان مفكرو و أدباء الولايات المتحدة هم الرائدون
و كذلك كان هنالك العديد من النجاحات في العديد من الدول وكل منتصر درس تضاريس مختلفة
كانت تتطلب استراتيجيات مختلفة.
ومع تقدم تكنولوجيا الاتصالات و انتشار العولمة
و ممارساتها خلال القرن الواحد و العشرين ما زال الكثير منا يفشل في الاعتراف وفي تقدير
التاريخ و الخصائص الثقافية لكل اسلوب في العلاقات العامة حول العالم و في أسواق مختلفة.
ويواجه حالياً مجال العلاقات العامة تحديات و
افتراضات كثيرة و متنامية حول تاريخ نشوئه تشير إلى أن نشأته كانت من الولايات المتحد
الأمريكية ومن ثم انتشر في كافة أنحاء العالم. مازال هذا الرأي هو السائد حتى في أدبيات
و كتابات العديد من المفكرين الأمريكيين حيث يؤكد ذلكOlaskyأثناء تعليقه على دستور الولايات المتحدة ( بيرسون,
1990 ) و مؤخراَ جاء في بيان فوس بأنه من السهل على ممارسي العلاقات العامة تبني مفاهيم
أمريكية أكثر مفاهيم غير أمريكية (فوس ,2011 ).
النموذج المهيمن و السائد:
وحتى النصف الأخير من القرن العشرين كان الاعتقاد
بشأن تاريخ العلاقات العامة و ممارستها متمركزاً حول الولايات المتحدة و أشار مارستون
(1963) إلى أن العلاقات العامة مجال عمل صاعد في الدول الديمقراطية، و تطبيقاتها و
اساليب ممارستها تتشابه مع ما يمارس في الولايات المتحدة. ويفترض أن العلاقات العامة
قد بدأت في أواخر القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة من خلال ممارسين و مفكرين مثل
Lee و Bernays ، و لذلك تم و عن غير قصد اعتبار الولايات المتحدة
كأفضل ممارس للعلاقات العامة... و لكن ماذا لو تكن الولايات المتحدة من أول ممارسي
العلاقات العامة؟
ففي استراليا على سبيل المثال كان لنشاط خلايا
الضغط و المناصرة تأثير واضح لنشأة العلاقات العامة و خاصة في المرحلة التي سبقت نشوء
المستعمرات اللافدرالية وكان لهذه الأنشطة الفردية و التي ظهرت أواخر عام 1830 ( بعد
مرور خمسين عاماً على المستوطنات البيضاء ) أثر في نشوء نوع اتصالات مقنع استجابة للظروف
المحلية و المتطورة بطريقة فريدة من نوعها على المستوى الوطني مع وجود تأثير خارجي
ضعيف التأثير.
وفي القرن العشرين و الذي يعتبر القرن الأمريكي
أدى نمو و انتشار الشركات متعددة الجنسيات إلى ظهور نوع من سيادة الممارسة الأمريكية
للعلاقات العامة. ففي أوئل هذا القرن و تحديداً عندما أُطلق اسلوب الوثائقيات تحت عنوان
( الوثائقيات تجعل منك عملاقاً) اعتمدت شركة المأكولات السريعة ماكدونالدز اسلوب حملة
القلعة في تواصلها مع جماهيرها في حين كان ما اعتمدته فروع الشركة في استراليا و المملكة
المتحدة لم يكن على غرار ذلك بل كان اسلوب التواصل المفتوح مع الزبائن والذي قلل من
الأضرار و وطد ثقة المستهلكين.
والتحدي الآن يكمن في تنفيذ الممارسات الحديثة
للعلاقات العامة العالمية و لتفسير هيمنة الولايات المتحدة سيكون لكل بلد - من ضمنها
بلدان العالم الثالث - سبب من الأسباب لتفسير هذه الهيمنة، و لكن بشكل عام يمكن القول أنه للمجموعة الضخمة
من الكتب و المؤلفات الأمريكية حول العلاقات العامة و التي يدرسها طلاب العلاقات العامة
تأثير واضح في هذه الهيمنة و أيضا يمكن أن يعزى ذلك إلى عدم الدراية بالتاريخ جيداً،
وبأقدم أشكال العلاقات العامة، وتأثير العولمة
وقوة الثقافة الامريكية.
التقليد و المحاكاة للنظرة الغربية:
في الدول النامية تكون ممارسة العلاقات العامة
غير ناضجة أو مقيدة بالهيكلية الإدارية مثل الحكومة أو وسائل الإعلام المسيطرة في بعض
الأحيان، وكما هو الحال إنهم يسعون إلى تقليد وممارسة العلاقات العامة بأسلوب غربي
متجاهلين تاريخهم وخصوصية بلادهم - وكيف تعمل والعلاقات العامة داخل البلد.
من خلال تجربتي كرئيس تحرير مجلة العلاقات العامة
الدولية والموجهة للمدرسين و الممارسين في هذا المجال لمست أنه يوجد أدلة عدة على انكماش
الثقافة في الدول النامية. ومدرسي و ممتهني هذه المهنة في هذه الدول غالبا ما يرفضون
الجهود المحلية للتطوير والإضافة إلى هذا المجال كي يحافظوا على الطريقة التي طالما
افترضوا أنها صحيحة. فعلى سبيل المثال يقولون : ما الذي كان يمكن أن يقوم به الغربيون؟
يجب ..عدم مناقشة الموضوع على أنه بين خاسر ورابح
بل ينبغي أن ينبه جميع ممتهني العلاقات العامة إلى أن لا يجب الاقتصار على أخذ اللغة
و الثقافة بعين الاعتبار فقط بل يجب أن يتعدى ذلك إلى دراسة خصوصية كل بلد على حدى
كي نضمن ممارسة جيدة و مناسبة للعلاقات العامة في هذا البلد.
النشأة خارج نطاق الاحتياجات المختلفة:
بدأت مجموعة تاتا في الهند برنامج المسؤولية الاجتماعية
للشركات في أوائل القرن 20، وفي القرن 19 وظفت المستعمرات في استراليا ونيوزيلندا وكلاء
وعملاء للضغط على الحكومة البريطانية للسماح لها بالتجارة والحكم الذاتي، والشركات
الأميركية وضعت آليات علاقات عامة فريدة من نوعها تعكس احتياجات وطبيعة تلك الأمة النامية.
جميع هذه الآليات ولدت من احتياجات مختلفة ومهنتنا هي انعكاس لمخاض حاجاتنا.
لذا فإنه من المهم والواجب على ممارسي العلاقات
العامة و مدرسيها عند وضع منظور عالمي للعلاقات العامة أخذ اللغة و الثقافة و الخصوصية
بعين الاعتبار بالإضافة إلى ابتكار ممارسات نابعة من حاجات الدول.
تعديل و تطوير الممارسة في القرن الواحد و العشرين
أمر بالغ الأهمية والاعتماد على افتراضات ممارسة
العلاقات العامة الأمريكية أو حتى نهج قريبة منها قد يكون أمر صعب التطبيق في كل أنحاء
العالم.
المصدر:
http://www.ipra-ar.org/alpha/news/view.php?id=42