شهد مفهوم العلاقات العامة تطوراً لافتاً في السنوات القليلة الماضية، وأصبحت إدارة العلاقات العامة تحظى في كثير من المنظمات الدولية الحديثة بالاهتمام كإحدى أهم الإدارات الداعمة للقرارات الإدارية، وقياس الرأي العام، والتواصل مع وسائل الإعلام من خلال تقديم المعلومة الصحيحة، إضافة إلى دورها الهام في ربط المنظمة بجمهورها الداخلي والخارجي، إلا أن المفارقة تتمثل في وجود انطباع سائد في المجتمع السعودي ينتقص كثيراً من أدوار ومسئوليات هذه الإدارة، والعاملين فيها، حيث ارتبطت في الأذهان بمهام استقبال الضيوف وتوديعهم، ومتابعة ما تكتبه الصحف، ومرافقة المسئولين في جولاتهم.
حول واقع إدارات العلاقات العامة في الأجهزة الحكومية، ونظرة المسئولين لها، والأسباب الكامنة في اختزالها في الجانب البروتوكولي والمراسمي دون بقية الأدوار الهامة الأخرى تدور محاور قضية هذا العدد..
أهمية العلاقات العامة في البدء يحدد أ. منصور العتيبي أهمية العلاقات العامة كمفهوم عملي باعتبارها من منتجات القرن العشرين المهمة؛ مضيفاً أنها نشأت وتطورت أولاً في الولايات المتحدة الأمريكية وفق الأنساق الاقتصادية، والإدارية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية السائدة أثناء الثورة الصناعية في الثلث الثاني من القرن الماضي. ويقول أ. منصور العتيبي: «إن من أهم أسباب نشأتها يعود إلى اقتناع عدد من الإعلاميين والصحفيين بأن الكثير من المشاكل التي تحدث بين المنظمات وجماهيرها تعود في المقام الأول إلى انعدام أو ضعف الاتصال بجميع أنواعه وأشكاله، لذا كان لابد من تأسيس هذا المفهوم الحديث». وبحسب أ. منصور العتيبي فإنه وعلى الرغم من البداية المبكرة للعلاقات العامة فإنها انتشرت فيما بعد بشكل كبير في الدول المتقدمة في حين أنها في منطقتنا العربية، وفي المملكة بشكل خاص مازالت في مراحلها الأولى، فالبدايات لا تزال ضعيفة، والمفهوم مازال ضبابياً في كثير من المنظمات الحكومية والخاصة بل إن هذه المنظمات قد تعمل– عن جهل- ضد المفهوم والفلسفة الحقيقية للعلاقات العامة. ويشير أ. منصور العتيبي إلى أن فلسفة المنظمات في الدول المتقدمة تقوم أساسا على وجود جمهور وعملاء، وبالتالي فإن نجاح المنظمة أيا كانت يرتبط بخدمة وتلبية رغبات هذا الجمهور، إذ إن حتمية استمرارها مرهون بمقدرة تواصلها وتفاهمها مع هذا الجمهور، ولا يتم ذلك إلا عن طريق عمل علاقات عامة محترف يقوم على أساس علمي ومهني من خلال إخبار الجمهور والتواصل معه بمهنية واحترافية وموضوعية وشفافية، وهو ما يفتقد في عمل كثير من المؤسسات سواءً كانت حكومية أو خاصة ربحية أو حرفية. ويلخص أ. منصور العتيبي أبرز مشكلات العلاقات العامة في المملكة، بما يلي:
الموقع الإداري في الغالب لا يتناسب مع المهنة بحيث تكون تابعة لإدارة أو قسم لا قيمة حقيقة لها في الهيكل التنظيمي.
تداخل التخصصات ونشاطات العلاقات العامة مع بعض الإدارات في المنظمة.
قلة الكادر المؤهل المتخصص في مجال العلاقات العامة وضعف في الرواتب والميزانية والموارد البشرية.
عدم قيامها بأي دور استشاري لإدارة العمليات ولا تشكل أي دور في صناعة القرار في المنظمة.
لا تعتمد على البحوث والدراسات العلمية, وبحوث قياس الرأي العام في أداء مهمتها.
اقتصار دورها على المهام التنفيذية و الروتينية البسيطة (استقبال الزوار – تنظيم الاحتفالات والمناسبات _ إنهاء بعض المعاملات الإدارية) وذلك على حساب مهام البحث والتخطيط.
عدم استخدام وسائل الإعلام والاتصال بصورة علمية سليمة.
تداخل التخصصات ونشاطات العلاقات العامة مع بعض الإدارات في المنظمة.
قلة الكادر المؤهل المتخصص في مجال العلاقات العامة وضعف في الرواتب والميزانية والموارد البشرية.
عدم قيامها بأي دور استشاري لإدارة العمليات ولا تشكل أي دور في صناعة القرار في المنظمة.
لا تعتمد على البحوث والدراسات العلمية, وبحوث قياس الرأي العام في أداء مهمتها.
اقتصار دورها على المهام التنفيذية و الروتينية البسيطة (استقبال الزوار – تنظيم الاحتفالات والمناسبات _ إنهاء بعض المعاملات الإدارية) وذلك على حساب مهام البحث والتخطيط.
عدم استخدام وسائل الإعلام والاتصال بصورة علمية سليمة.
الاستقبال والتوديعوعن المفهوم السائد عن إدارة العلاقات العامة في الأجهزة الحكومية وأسباب اختزالها في الجانب البروتوكولي فقط.. يقول أ. ممدوح الروحاني: «للأسف هذا اللبس هو أبرز ما تعانيه صناعة العلاقات العامة في الأجهزة الحكومية وفي بعض مؤسسات القطاع الخاص، والمشكلة تكمن في عدم استيعاب المسئولين أصحاب القرار بأهمية إدارة العلاقات العامة كواحدة من أبرز الوحدات المكونة للهيكل الإداري العام للمنظمات، وكذلك عدم الالتفات لأهمية رأي المتخصصين في العلاقات العامة ورؤيتهم في اتخاذ بعض القرارات السيادية للشركات أومعرفة توجهات الرأي العام». ويضيف أ. الروحاني كثيراً ما تختزل إدارة العلاقات العامة في مهام ضعيفة جداً تتمحور في الاستقبال والتوديع ومساندة مكتب المدير العام، وذلك لعدم وجود الكادر المتخصص في الاتصال التسويقي فمعظم العاملين في إدارات العلاقات العامة هم من (العاطلين) الذين لم توجد لهم وظائف فتم تحويلهم للعلاقات العامة دون حصولهم على تأهيل كاف. وبحسب أ. الروحاني فإن الممارسين للعلاقات العامة يسهمون بشكل كبير في خلق الانطباع السلبي عنها لأنهم لا يمارسون مسئولياتهم وفق الأسلوب العلمي السليم، ووفق القواعد المثالية بل حولوها إلى ما يمكن تسميته (علاقات إعلامية) بينما هي أوسع من ذلك وأشمل فهي علم وفن حقيقي له قواعده وملامحه الخاصة. ويقول أ. ممدوح الروحاني: من خلال تجربتي الخاصة فإن واقع إدارات العلاقات العامة يعاني الكثيرويحتاج الكثير، فأغلب المسئولين لا يتذكر وجود إدارة علاقات عامة إلى عندما يوجد لديه ضيف لا يدري ماذا يفعل به، فيوجهه لإدارة العلاقات العامة لتتصرف معه، أو عندما تتعرض المنظمة التي يرأسها لهجوم الصحافة فيطالب إدارة العلاقات العامة بالرد عليهم».
عدم تقدير حقيقيومن جانبه يرى أ.د. عبد الرحمن العناد أن هناك عدم تقدير حقيقي لما تقوم به ادارات العلاقات العامة من مهام ومسئوليات من بعض مسئولي الإدارة العليا في المنظمات الحكومية والخاصة، لعدم كفاءة العاملين في مجال العلاقات العامة وعدم تخصصهم حتى غدت مهنة من لا مهنة له. ويقول أ.د. العناد: «الأسوأ من ذلك هو أن تجد أن من يقع على رأس جهاز العلاقات العامة ويدير الأمور لا علاقة له بها، حتى إنه لا يستطيع تعريفها علميا أو عمليا. ورغم ذلك فإنني متفائل بإمكانية تغيير هذه الصورة من خلال تحسين الأداء، وتثقيف أصحاب القرار، والعمل على حصر التوظيف في إدارات العلاقات العامة بالمختصين وبخاصة في الوظائف القيادية كالمدراء ورؤساء الأقسام، أما إن استمر الحال كما هو عليه في الوقت الحاضر فسوف تستمرالمشكلة ولن تتحسن الصورة النمطية للعلاقات العامة لأنها مفهوم ديموقراطي مبني على أساس احترام الجمهور الذي تتعامل معه المنظمة، وما لم يكن المبدأ موجودا فإن الحاجة للعلاقات العامة الصحيحة والسليمة لن تظهر أصلا، فسوف تختزل أو توجه لأمور ونشاطات ثانوية وغير أساسية ولا علاقة لها بوظيفتها الأساسية المتمثلة بتحقيق التكيف المتبادل بين المنشأة وجماهيرها».
لا يمكن الاستغناء عنهاويتداخل أ. رشاد هارون في هذا الموضوع مؤكداً ما ذكره أ.د. العناد، ومستغرباً في ذات الوقت من ثلاث ملاحظات رصدها كما يلي:
تزايد النقد الموجه لإدارات العلاقات العامة من فئات المجتمع وتوجيه الاتهامات المباشرة وتحميلها كل أسباب تقصير أداء الجهاز الحكومي.
تصنيف العلاقات العامة بأنها إدارة استشارية في الهيكل التنظيمي للجهاز وليست إدارة تنفيذية مهمة.
عدم وجود آلية واضحة تعمل من خلالها مما أوجد اختلافات واضحة في مسميات وعمل إدارات العلاقات العامة في معظم الأجهزة الحكومية.
ويستطرد أ. رشاد هارون، قائلاً: «هذه الملاحظات الثلاث تضعف بشكل كبير مفهوم العلاقات العامة في مختلف المنظمات، فيكفي أن عدم وجود آلية للعلاقات العامة أو أنظمة ولوائح معتمدة توضح ماهية العلاقات العامة جعل بعض المسئولين في الأجهزة الحكومية يضع أنشطة، ومهام للعلاقات العامة لا تمس عملها وأهدافها، فعلى سبيل المثال مهام توزيع الصحف والمجلات على الموظفين، والمراسلات والخدمات الإدارية، والإشراف على عمل البوفيهات والمطاعم، وإقامة الحفلات وغيرها من المهام التي أقحمت في عمل العلاقات العامة وشوهت الصورة الناصعة لعملها، كذلك أدى اختلاف مسميات إدارات العلاقات العامة إلى ضياع الدور الحقيقي لها بشكل عام.. فمثلاً تسمى في بعض الجهات إدارة الإعلام والعلاقات العامة، وفي غيرها تسمى إدارة المراسم والعلاقات العامة، وتسمى أحياناً إدارة الخدمات والاتصال والنشر.. وهكذا من المسميات الخاطئة. ويؤكد أ. هارون أن هذا دليل على عدم المعرفة والاهتمام بدور العلاقات العامة، وسلبية نظرة الإدارة العليا في بعض المنظمات لمفهوم العلاقات العامة،فجميع هذه المسميات هي غالبا جزء من مهام العلاقات العامة وليست هي العلاقات العامة.
تزايد النقد الموجه لإدارات العلاقات العامة من فئات المجتمع وتوجيه الاتهامات المباشرة وتحميلها كل أسباب تقصير أداء الجهاز الحكومي.
تصنيف العلاقات العامة بأنها إدارة استشارية في الهيكل التنظيمي للجهاز وليست إدارة تنفيذية مهمة.
عدم وجود آلية واضحة تعمل من خلالها مما أوجد اختلافات واضحة في مسميات وعمل إدارات العلاقات العامة في معظم الأجهزة الحكومية.
ويستطرد أ. رشاد هارون، قائلاً: «هذه الملاحظات الثلاث تضعف بشكل كبير مفهوم العلاقات العامة في مختلف المنظمات، فيكفي أن عدم وجود آلية للعلاقات العامة أو أنظمة ولوائح معتمدة توضح ماهية العلاقات العامة جعل بعض المسئولين في الأجهزة الحكومية يضع أنشطة، ومهام للعلاقات العامة لا تمس عملها وأهدافها، فعلى سبيل المثال مهام توزيع الصحف والمجلات على الموظفين، والمراسلات والخدمات الإدارية، والإشراف على عمل البوفيهات والمطاعم، وإقامة الحفلات وغيرها من المهام التي أقحمت في عمل العلاقات العامة وشوهت الصورة الناصعة لعملها، كذلك أدى اختلاف مسميات إدارات العلاقات العامة إلى ضياع الدور الحقيقي لها بشكل عام.. فمثلاً تسمى في بعض الجهات إدارة الإعلام والعلاقات العامة، وفي غيرها تسمى إدارة المراسم والعلاقات العامة، وتسمى أحياناً إدارة الخدمات والاتصال والنشر.. وهكذا من المسميات الخاطئة. ويؤكد أ. هارون أن هذا دليل على عدم المعرفة والاهتمام بدور العلاقات العامة، وسلبية نظرة الإدارة العليا في بعض المنظمات لمفهوم العلاقات العامة،فجميع هذه المسميات هي غالبا جزء من مهام العلاقات العامة وليست هي العلاقات العامة.
الأساليب الحديثةومن جانبه يقول أ. سعد المسحل: «إن العلاقات العامة تعد من أهم الأدوات المؤثرة في تكوين علاقات متميزة بين المؤسسات وجمهورها، وإذا أمعنا النظر في طبيعة عمل تلك المؤسسات والمنظمات نجد أنها في الغالب تقدم خدمات لإرضاء (جمهورها) وبشكل عام لجميع الأفراد الذين يتعاملون معها، وإذا كان ثمة نجاح في هذه العلاقات فإنه ينطوي على نجاح دور العلاقات العامة الذي تمارسه هذه المؤسسات، إلا أن هناك بعض الأخطاء الشائعة في فهم أدوار العلاقات العامة وأهميتها مما أدى إلى ارتباط مفهوم العلاقات العامة في أذهان العديد من الناس بمعان غير صحيحة مثل (المراسم والاستقبالات فقط) في حين أن مفهومها ونشاطاتها ورسالتها أوسع من ذلك بكثير في ظل المعطيات والمتغيرات الجديدة. ويؤكد أ. المسحل أن ذلك يشمل الجانب التوعوي والإعلامي والتثقيفي وتحسين صورة المنشأة وبناء صورة ذهنية إيجابية بتبني نظام إعلامي كفء يقدم صورة متكاملة عن المنشأة وشرح وتفسير سياساتها لجمهورها من أجل العمل على تحقيق التفاهم والتوافق مع مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة إلى جانب وضع الخطط الإعلامية الاستراتيجية حيث تعتمد في ذلك على الأساليب الحديثة في الاتصال والتخطيط فضلاً عن تنمية وتعزيز وتوطين علاقة المنشأة مع نظيراتها من الجهات ذات العلاقة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي». ويضيف أ. سعد المسحل أنه وبناء على ذلك فإن العلاقات العامة تعتبر حلقة الوصل وجسر التعاون والتواصل بين المنشأة وجمهورها الداخلي والخارجي وأصبح ينظر لها بمفهومها الواسع وليس بمفهومها الضيق المختصر في المراسم فقط. ويُرجع أ. المسحل وجود نظرة ضيقة للعلاقات العامة إلى قصور الوعي لدى بعض القائمين على إدارات العلاقات العامة في بعض الجهات أو المؤسسات، وعدم إدراكهم طبيعتها وجهودها في شرح سياسة المنشأة وأهدافها وقدرتها على الاتصال الفعال ودورها الكبير والواسع (إذا أُحسن فهمها ودعمها). ويؤكد أ. المسحل أن السبب في اختزال العلاقات العامة في هذا المفهوم الضيق لدى بعض الجهات أو المنشآت (وهي قلة) في الوقت الحالي يعود إلى عدم اقتناع بعض الإدارات العليا في المنشآت بأهمية دور العلاقات العامة والفهم الكامل لرسالتها واعتبارها من الإدارات الخدمية، وتهميش دورها حيث يعتبر عدم تفهم الإدارة العليا لدور العلاقات العامة من أهم العقبات التي تواجهها، فكلما كان اقتناع الإدارة العليا بمهام ورسالة العلاقات العامة ودورها البارز في إعطائها مكانة مهمة ضمن الهيكل التنظيمي، ومنحها الدعم والتشجيع ووضعها في قائمة أولوياتها وارتباطها بالإدارة العليا مباشرة والمشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات العليا، والثقة الكاملة بأنها قادرة على أداء المهام الموكلة إليها،فإن ذلك سيعزز من دورها ومنحها العديد من الصلاحيات لتؤدي رسالتها والمهام المنوطة بها، كما أن اختزال دور العلاقات العام ربما يعود إلى عدم وجود أشخاص متخصصين في مجال العلاقات العامة يعملون لدى الإدارة وعدم وجود ميزانية كافية لتسهم بشكل فعّال في تمكينها من إعداد الخطط والبحوث والبرامج والحملات الإعلامية المطلوب القيام بها.
المصدر :
http://www.tanmia-idaria.ipa.edu.sa/Article.aspx?Id=363